فقلت: يا بن اللخناء، أنت بابن سريج أشبه منك بالحاكة، فغنيته، ثم قلت: والله إن عدت ثانية حلت امرأتك لغلامي قبل أن تحل لك، ثم انصرف، وجاء رسول أمير المؤمنين الرشيد فمضيت إليه من فوري، فقال: أين كنت؟ قلت: ولي الأمان؟ قال: ولك الأمان، فحدثته، فضحك وقال: هذا أنبل حائك على ظهر الأرض، ووالله لقد كرمت في أمره، وأحسنت إجابته، وبعث إلى الحائك، فاستنطقه، وساءله فاستطابه، واستظرفه، وأمر له بثلاثين ألف درهم.
كتب هارون الرشيد إلى جارية له كان يحبها وكانت تبغضه: البسيط
إن التي عذبت نفسي بما قدرت ... كل العذاب فما أبقت ولا تركت
مازحتها فبكت واستعبرت جزعاً ... عني فلما رأتني باكياً ضحكت
فعدت أضحك مسروراً بضحكتها ... حتى إذا ما رأتني ضاحكاً فبكت
تبغي خلافي كما خبت براكبها ... يوماً قلوص فلما حثها بركت
كأنها درة قد كنت أذخرها ... ليوم عسر فلما رمتها هلكت
وأنشدوا هذه الأبيات لذؤيب.
قال الأصمعي: ما رأيت أثر النبيذ في وجه الرشيد قط إلا مرة واحدة: فإني دخلت عليه أنا وأبو جعفر الشطرنجي، فرأيته خاثراً، فقال لنا: استبقا إلى بيت، بل إلى أبيات، فمن أصاب ما في نفسي فله عشرة آلاف درهم. وفي رواية قال: كان الرشيد يهوى عنان جارية الناطفي، وكانت صيانته لنفسه تمنعه منها. قال الأصمعي: فما رأيته قط متبذلاً