دغلاً - أو كلمة نحوها - قال: اللهم، أخر رجال السوء لزمان السوء. وكان هرم يقول: اللهم، إني أعوذ بك من زمان يمرد فيه صغيرهم، ويأمل فيه كبيرهم، وتقترب فيه آجالهم.
بعث عمر هرم بن حيان على الخيل فغضب على رجل، فأمر به، فوجئت عنقه، ثم أقبل على أصحابه فقال: لا جزاكم الله خيراً، ما نصحتموني حين قلت، ولا كففتموني عن غضبي. والله لا ألي لكم عملاً، ثم كتب إلى عمر: يا أمير المؤمنين، لا طاقة لي بالرعية، فابعث إلى عملك.
بات هرم بن حيان عند حممة، فبات حممة باكياً حتى أصبح، فقال له هرم: يا أخي، ما أبكاك الليلة؟ قال: ذكرت ليلة صبيحتها تناثر الكواكب. قال: وبات حممة عند هرم ليلة فبات هرم باكياً حتى أصبح، فقال له حممة: ما أبكاك يا أخي؟ قال: ذكرت ليلة صبيحتها تبعثر القبور للمحشر إلى الله. وكانا إذا أصبحا غدوا، فمرا بأكورة الحدادين فنظرا إلى الحديد ينفخ عليه، فيقعان، ويبكيان، ويستجيران بالله من النار، ثم يأتيان أصحاب الرياحين، فيقفان فيسألان الله الجنة، ثم يدعوان بدعوات ثم يتفرقان.
خرج هرم بن حيان وعبد الله بن عامر يريدان الحجاز، فبينما هما يسيران، ورواحلهما ترعيان إذ عرضت لهما صليانة، فابتدر لها الناقتان، فأكلتها إحداهما، فقال هرم لعبد الله بن عامر: أتحب أن تكون هذه الصليانة تأكلك هذه الناقة فذهبت؟ فقال ابن عامر: ما أحب ذلك، فإني لأرجو أن يدخلني الله الجنة، وإني لأرجو، وإني لأرجو، فقال هرم: والله لو علمت أني أطاع في نفسي لأحببت أن أكون هذه الصليانة فأكلتني هذه الناقة فذهبت.