كان يزيد بن عبد الملك استخلف هشام بن عبد الملك وجعل ابنه الوليد بن يزيد ولي عهده، وأخذ على هشام العهد ألا يغيره عن ولاية عهده.
وعلى هشام بن عبد الملك خرج زيد بن علي بالكوفة، وهشام هو الرابع - من ولد عبد الملك بن مروان لصلبه الذين كانوا خلفاء. وكان هشام يجمع المال، ويوصف بالحزم ويبخل، وهشام الذي حفر الهني وعمله، وكان قد اتخذ طرازاً، له قدر، واستكثر منه حتى كان يحمل ما أثر فيه من طرازه على تسع مئة جمل، وحمله على ذلك أن عمر بن عبد العزيز لما أتي بثياب سليمان بن عبد الملك ومتاعه لم يعرض لما قطع من الثياب وأثر فيه، فرأى هشام أنه إمام عدل، وأن من يأتي من أهل العدل يقتدى به، فجعل يتخذ المتاع للجند، ويؤثر فيه، ويلبسه ثم يدخره لولده، وكان يستجيده ويثمن فيه.
وأم هشام بن عبد الملك فاطمة بنت هشام بن إسماعيل المخزومي. واستخلف هشام سنة خمس ومئة. وأتته الخلافة وهو بالزيتونة في منزله، فجاءه البريد بالعصا والخاتم، وسلم عليه بالخلافة، فركب من الرصافة إلى دمشق وهو ابن أربع وثلاثين سنة. ومات بالرصافة سنة خمس وعشرين ومئة، وهو ابن أربع وخمسين سنة، وكانت ولايته تسع عشرة سنة وسبعة أشهر وعشر ليال.
وكان هشام جميلاً، أبيض، مسمناً، أحول، يخضب بالسواد. كان عبد الملك رأى في منامه أنه بال في المحراب أربع مرات، فدس من يسأل سعيد بن المسيب عنها - وكان سعيد يعبر الرؤيا، وعظمت على عبد الملك - فقال سعيد: يملك من ولده لصلبه أربعة، فكان هشام آخرهم. ولهشام يقول الوليد بن يزيد: