للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما انتصف النهار حتى أتته ريشة دم من بعض الثغور، فأوصلت إليه، فقال: ولا يوماً واحداً؟! قال الهيثم: كان هشام بن عبد الملك جباراً، فأمر أن يفرش له في قصر بين شجر وكروم، وصور من النبت، ففرش بأفخر الفرش، وأحضر ندماءه، وأمر الحجاب بحفظ الأبواب، فبينا هو جالس إذا أقبل رجل جهير الصوت، جميل، كأن الشمس تطلع من ثيابه، فشخص هشام ينظر إليه متعجباً من هيئته، فألقى إليه صحيفته، ثم ذهب، فلم ير، فإذا فيها: بئس الزاد إلى المعاد، العدوان على العباد. فأحضر الحجاب فسألهم عن الرجل، فقالوا: ما رأينا أحداً، فصرف ندماءه، وقال: تكدر علينا هذا اليوم، ولم يمض عليه بعد ذلك شهر حتى مات.

قال عمر بن علي: مشيت مع محمد بن علي إلى داره، فقلت له: إنه قد طال ملك هشام وسلطانه، وقد قرب من العشرين، وقد زعم الناس أن سليمان سأل ربه ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده، فزعم الناس أنها العشرون، فقال: ما أدري ما أحاديث الناس، ولكن أبي حدثني عن أبيه عن علي عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لن يعمر الله ملكاً في أمة نبي مضى قبله ما بلغ بذلك النبي من العمر في أمته. فإن الله عمر نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاث عشرة بمكة وعشراً بالمدينة ".

قال عبد الله بن الزبير: إنه سمع علياً يقول: هلاك بني أمية على رجل، الأحول منهم. قال مسلم بن إبراهيم: يعني: هشاماً.

<<  <  ج: ص:  >  >>