للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على طلاق النوار، قال: فقلت له: أخشى أن يبدو لك فيها، فتشهد عليك الحسن، فتجلد، ويفرق بينكما، فقال: لا بد منه، فمضيا إلى الحسن، فأخبره، فقال له الحسن: قد شهدنا عليك، ثم بدا له بعد فادعاها، فشهد عليه الحسن، ففرق بينهما، فأنشأ يقول:

ندمت ندامة الكسعي لما ... مضت مني مطلقة نوار

وكانت جنتي فخرجت منها ... كآدم حين أخرجه الضرار

فلو أني ملكت يدي وقلبي ... لكان علي للقدر اختيار

ولما ماتت النوار امرأة الفرزدق أوصت أن يصلي عليها الحسن بن أبي الحسن البصري، فحضر جنازتها آجلاء أهل البصرة، والحسن على بغلته، والفرزدق على بعيره، فقال له الحسن: يا أبا فراس، ما يقول الناس؟ قال: يقول الناس: حضر الجنازة خير الناس وشر الناس، قال: ما أنا بخيرهم، ولا أنت بشرهم. يا أبا فراس، ما أغددت لهذا اليوم؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله منذ ثمانين سنة. فقال الحسن بيده: نعم والله العدة. فلما صلى عليها الحسن مالوا إلى قبرها لدفنها، فأنشأ الفرزدق يقول:

أخاف وراء القبر إن لم يعافني ... أشد من القبر التهاباً وأضيقا

إذا جاءني يوم القيامة قائد ... عنيف وسواق يسوق الفرزدقا

لقد خاب من أولاد آدم من مشى ... إلى النار مغلول القلادة أزرقا

يساق إلى ذل الجحيم مسربلاً ... سرابيل قطران لباساً محرقا

<<  <  ج: ص:  >  >>