قال ابن أبي زكريا الخزاعي: خرجنا مع أم الدرداء في سفر، فصحبنا رجل، فقالت له أم الدرداء: ما يمنعك أن تقرأ، أو تذكر الله كما يصنع أصحابك؟! فقال: ما معي من القرآن إلا سورة، وقد رددتها حتى قد أدبرتها. فقالت: وإن القرآن ليدبر؟! ما أنا بالتي أصحبك، إن شئت أن تتقدم، وإن شئت أن تتأخر. فضرب دابته، وانطلق. ثم صحبنا رجل آخر، فقال: يا أم الدرداء، دعاء كان يدعو به: اللهم، اجعلني أرجو رحمتك، وأخاف عذابك، إذ يأمنك من لا يرجو رحمتك، ولا يخاف عذابك، وأسألك الأمن يوم يخافون، فقالت لي أم الدرداء: اكتبه، فكتبته.
جاء رجل إلى أم الدرداء فقال لها: إنه قد نال منك رجل عند عبد الملك، فقالت: إن نؤبن بما فينا فطالما زكينا بما ليس فينا. وكانت أم الدرداء تصلي وهي جالسة متربعة.
قال سفيان: عوتبت أم الدرداء في شيء، فقيل لها: لم فعلت كذا وكذا؟ قالت: نقص الناس فنقصت كما نقصوا.
قال إسماعيل بن عبيد الله: قالت لي أم الدرداء: يا بني، ما يقول الناس في الحارث الكذاب؟ قال إسماعيل: يا أمه، يزعمون أنك قد بايعته. قال: فلم تسل أم الدرداء من الذي قال لئلا يكون في صدرها غل لأحد.
قال عثمان بن حيان: أكلنا مع أم الدرداء طعاماً، فأغفلنا الحمد لله، فقالت: يا بني، لا تدعوا أن تأدموا طعامكم بذكر الله، أكلاً وحمداً خير من أكل وصمت.