الأخت قالت لها: إذا قال لك الملك: ألك حاجة؟ فقولي: حاجتي أن تذبح يحيى بن زكريا، ففعلت ذلك، فقال: سليني سوى هذا، قالت: ما أسألك إلا هذا. فلما أبت عليه، دعا بطست ودعا به فذبحه، فندرت قطرة من دمه على الأرض، فلم تزل تغلي، حتى بعث الله بخت نصر عليهم، فألقى في نفسه أن يقتل على ذلك الدم منهم حتى يسكن، فقتل عليه منهم سبعين ألفاً. قالوا: ولما قتله دفع إليها رأسه، فجعلته في طست من ذهب، فأهدته إلى أمها، فجعل الرأس يتكلم في الطست: إنها لا تحل له، ولا يحل لها، ثلاث مرات. فلما رأت الرأس قالت: اليوم قرت عيني، وأمنت على ملكي، فلبست درعاً من حرير، وخماراً من حرير، وملفحة من حرير، وصعدت قصراً لها، وكان لها كلاب تضربها بلحوم الناس، فجعلت تمشي على قصرها، فبعث الله عليها عاصفاً من الريح يلقيها في ثيابها، فألقتها إلى كلابها، فجعلن ينهشنها، وهي تنظر، وكان آخر ما أكلن منها عينيها.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: التي قتلت يحيى بن زكريا امرأة، ورثت الملك عن آبائها، فأتيت برأس يحيى في شيء، فوضع رأسه بين يديها، وهي على سريرها، فجعلت ترفل وجهه بقضيب في يدها، فقيل للأرض: خذيها، فأخذتها وسريرها، فذهب بها. قال: في التوراة مقتلة الأنبياء، قتلت في يوم ستين نبياً، هي في النار على منبر من نار، تصرخ، يسمع صراخها أقصى أهل النار. وقيل: إنه كان ملك دمشق هداد بن هداد وكان قد زوج ابنه ابنة أخيه أزيل ملكة صيدا، وكان حلف بطلاقها ثلاثاً ثم أراد مراجعتها، فاستفتى يحيى بن زكريا صلى الله على نبينا وعليه السلم، فقال يحيى: لا تحل لك حتى تنكح زوجاً غيرك، فحقدت عليه أزيل، وكان للملك ابنة يقال لها: هروسة، وكان يحبها حباً شديداً، وكان