يخرجها إذا قدم عليه وفود الملك، وترقى بين أيديهم، وإذا رقيت قضى لها حاجة، فقدم عليه وفود ملك الهند، فقالت أزيل لابنتها: إذا رقيت وقال: سلي حاجتك، فقولي: حاجتي رأس يحيى بن زكريا، ولا تقبلي منه إلا رأسه، وأعطتها حين أصبحت طبقاً وقالت: إذا قطع رأسه، فاجعليه فوق هذا الطبق، واحمليه، وائتيني به. فلما أصبحت دعاها الملك، فخرجت مزينة، ومعها الطبق، فضرب لها بالطبل والمزمار، ورقيت يومئذ رقياً ما رقيت قبله مثله، فقال لها أبوها: سلي حاجتك، فقالت: حاجتي رأس يحيى بن زكريا، فقال: ويحك، ما تصنعين برأس نبي من أنبياء الله؟! سلي غيره ما شئت، قالت: ما لي حاجة غيره. فإن أعطيتنيه وإلا لم أسألك شيئاً بعده، فقال من حوله من وزراء السوء: اقض حاجتها، وشفعنا في حاجتها، وما رأس يحيى ورأس غيره إلا سواء، فأكثروا عليه، وغلبوه فقال: اذهبوا، وأعطوها رأسه، فخرج السياف، والناس معه حتى أتوه، وهو يصلي في ذلك المسجد الذي عند باب جيرون، فقال يحيى للسياف: بم أمرت؟ قال: أمرت بضرب عنقك، قال: ويحك ما تعلم أني نبي الله؟! قال: بلى، ولكني مأمور، قال: شقاء جدك، وعسى أن تكون صادقاً، فضرب رأسه، فأخذت الرأس فوضعته على الطبق، فجعل يقول من فوق الطبق: إنها لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، فلم يزل الرأس يقول ذلك وهي تمشي حتى انتهت إلى الفسقية فخسف بها، فأخذتها الأرض حتى غيبت قدميها فصاحت، ووقع الرأس والطبق عن رأسها، ثم غيبتها إلى أنصاف ساقيها وهي تصيح، فذهب الصريخ إلى أمها: أدركي ابنتك، قد خسف بها، فجاءت تسعى، فوجدتها في الأرض قد أخذتها وهي تصيح، فجعلت الأرض تغيبها حتى بلغت سرتها، ثم غيبتها حتى بلغت ثدييها، ثم غيبتها حتى بلغت منكبيها، فلما خشيت أمها أن تغيبها الأرض قالت للسياف: اقطع رأسها يكون عندي، فضرب السياف رأسها ورمى به. فلما وقع الرأس لفظتها الأرض وطرحتها. فلم يزالوا بعد ذلك في الذل، حتى بعث الله بخت نصر عقوبة لقتل يحيى بن زكريا، فدخل دمشق من باب توما، وباب شرقي، وأتى الدرج فصعد، فجلس على