تمنى قوم عند يزيد أماني فقال يزيد: أتمنى كما تمنيتم؟ قالوا: تمنه، فقال يزيد: ليتنا لم نخلق، وليتنا إذ خلقنا لم نمت، وليتنا إذا متنا لم نحاسب، وليتنا إذا حوسبنا لا نعذب، وليتنا إن عذبنا لا نخلد.
قال دهثم العجلي: قلت ليزيد: كيف أصبحت رحمك الله؟ قال: كيف يصبح من تعد عليه أنفاسه؟ ويحصى لانقضاء أجله؟ لا يدري على خير مقدم أم على شر، ثم ذرفت عيناه.
قال يزيد الرقاشي: انظروا إلى هذه القبور سطوراً بأفناء الدور، تدانوا في خططهم، وقربوا في مزارهم، وبعدوا في لقائهم، سكنوا فأوحشوا، وعمروا فأخربوا، فمن سامع بساكن موحش، وعامر مخرب غير أهل القبور؟ قال يزيد الرقاشي: خمس يقبحن من خمس: الحرص من القراء، والعجلة من الأمراء، والفحش من ذوي الشرف، والبخل من ذوي الأموال، والفتوة من ذوي الأسنان.
ولما حضر الموت يزيد الرقاشي قرأ:" كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة " ألا إن الأعمال محضرة، والأجور مكملة، ولكل ساع ما سعى، وغاية الدنيا وأهلها إلى الموت، ثم بكى، وقال: يا من القبر مسكنه، وبين يدي الله موقفه، والنار غداً مورده، ماذا قدمت لنفسك؟ ماذا أعددت لمصرعك؟ ما أعددت لوقوفك بين يدي ربك؟.