القضاء إلا عربياً، فقال: عربي أو مولى؟ فقال: أصابتنا يد في الجاهلية، فقال: لو كذبتني في نفسك صدقتك في غيرك، لم تزل العب يصيبها هذا في الجاهلة، فقد وليتك القضاء بين أهل الكوفة، وأجريت عليك مائة درهم في الشهر، فاجلس لهم بالغداة والعشي، فإنما أنت أمين للمسلمين.
قال يوسف بن عمر لأعرابي ولاه عملاً: يا عدو الله، أكلت مال الله! فقال له: فمال من آكل منذ خلقت إلى الساعة؟ والله لو سألت الشيطان درهماً واحداً ما أعطانيه! عن خالد بن سعيد قال:
جاءت امرأة إلى يوسف بن عمر الثقفي، فقالت: إن ابناً لي يعقني، قال: ويفعل ذلك؟ قالت: نعم. فقال لحرسيين على رأسه: انطلقا معها حتى تأتيا به. فخرجا معها. فقيل للمرأة: ويحك! أهلكت ابنك، إن الأمير يقتله. وندموا على ما فعلت. فلقيت عبادياً أشقر أزرق، فقالت للحرسيين: خذاه، فإنه ابني! فأخذا بضبعيه، فقالا: يا عدو الله، أجب الأمير، قال: بأي جرم؟ قالا: تعق أمك، قال: إنها ليست لي بأم، فقالا: كذبت. وأدخلاه على يوسف، فلما نظر إليه قال: شقا عنه. وضربه مائة سوط، ثم قال: لا تخرج بها إلا على عنقك. فحمل المرأة على عنقه، فخرج بها؛ فلقيه عبادي آخر، وهي على عنقه، فقال: فلان، ما هذه ويلك! قال: هذه أمي رزقنيها السلطان. وخشيت المرأة أن يفطن بها، فنزلت، وأنسلت، ومضى العبادي بأسوأ ما يكون من الحال.
قال المدائني: ثم قدم يوسف بن عمر على العراق، فكان يطعم كل يوم على خمسمائة خوان، وكانت مائدته وأقصى الموائد سواء، يتعهد ذلك ويتفقده.