الشبلي والقوم سكوت، فقال له بعض المشايخ: يا أبا بكر، أليس هؤلاء يسمعون معك؟ مالك من بين الجماعة؟ فقام، وتواجد، وأنشأ يقول: من الكامل
لو يسمعون كما سمعت حديثها ... خرّوا لعزة ركّعاً وسجودا
وقال: من البسيط
لي سكرتان وللندمان واحدة ... شيء خصصت به من بينهم وحدي
قال: وسمعت أبا العباس البغدادي يقول: كنا جماعة من الأحداث نصحب أبا الحسين بن أبي بكر الشبلي، وهو حدث، ونكتب الحديث، فأضافنا ليلة أبو الحسين، فقلنا: بشرط ألا يدخل علينا أبوك، فقال: لا يدخل. فدخلنا داره، فلما أكلنا إذا نحن بالشبلي وبين كل أصبعين من أصابعه شمعة، ثماني شموع. فجاء وقعد في وسطنا، فاحتشمنا منه، فقال: يا سادة عدوني فيما بينكم طست شمع. ثم قال: أين غلامي أبو العباس؟ فتقدمت إليه، فقال لي: غنّ الصوت الذي كنت تغني: من الهزج
ولما بلغ الحير ... ة حادي جملي حارا
فقلت احطط بها رحلي ... ولا تحفل بمن سارا
فغنيته، فألفى الشموع من يده وخرج.
قال أبو يعقوب الخراط: كنت في حلقة الشبلي، فبكى رجل حتى علا صوته، وبكى الشبلي وأهل الحلقة ببكائه، وأنشأ يقول: من السريع
أنافعي دمعي فأبكيكا ... هيهات مالي طمع فيكا
لو كنت تدري بالذي نالني ... أقصرت عن بعض تجنيكا
وقيل للشبلي: كم تهلك نفسك بهذه الدعاوى، ولا تدعها! فقال: من المنسرح