للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: خرج الشبلي يوماً من منزله وعليه خريق وأطمار، فقيل له: ما هذا؟ فقال: من الطويل

فيوماً ترانا في الخزوز نجرّها ... ويوماً ترانا في الحديد عوابسا

ويوماً ترانا في الثريد نبسه ... ويوماً ترانا نأكل الخبز يابسا

وقال الشبلي: ضاق صدري ببغداد، فضاقت علي أوقاتي، فوقع لي أن أنحدر إلى البصرة، فاكتريت سمارية، وركبت فيها، فلما بلغت البصرة، وخرجت من السمارية زاد علي ما كنت أجده ببغداد أضعاف ذلك. فركبت تلك السمارية، ورجعت إلى بغداد، فلما بلغت دار الخليفة إذا جارية تغنيى له في التاج: من الطويل

أيا قادماً من سفرة البحر مرحباً ... أناديك لا أنساك ما هبّت الصّبا

قدمت على قلبي كما قد تركته ... كئيباً حزيناً بالصّبابة متعبا

فلما سمعت غناءها طرحت نفسي في دجلة، فقيل: أدركوا الرجل! فأخذت إلى الشط، فقال المقتدر: من هذا؟ فقالوا: أبو بكر الشبلي؛ فحملت إليه، ووقفت بين يديه، فقال: يا أبا بكر، تبلغنا عنك في كل وقت أعاجيب فما هذا؟، فقصصت عليه القصة، وخرجت.

وفي رواية: فصاح صيحة، ووقع في دجلة مغشياً عليه، فقال الخليفة: الحقوه، واحملوه، فحمل إلى بين يديه، فقال له: أمجنون أنت؟ فقال: يا أمير المؤمنين، كان من أمري كيت وكيت، فتحيرت فيما هو يجري علي. فبكي الخليفة مما رأى من حرقته.

قال أبو الصقر الصوفي: دخلت على شيخ من شيوخنا أهنئه يوم عيد، فرأيت عنده نخالة وهندباء وخلاً، فشغل ذلك قلبي، فخرجت من عنده، ودخلت على أحد أرباب الدنيا، فذكرت ذلك له، فدفع إلي صرة فيها دراهم، فقال: احملها إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>