للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجذب من تحتنا كأنها الموج، فمررنا بمدينة بعد مدينة، يقول: هذه مدينة كذا، هذه مدينة كذا، هذه الكوفة؛ ثم قال لي: الموعد هنا في مكانك هذا في هذا الوقت يعني من الليل حتى إذا كان الوقت إذا به قد أقبل، فأخذ بيدي وقال: بسم الله.

قال: فجعل يقول: هذا منزل كذا، هذا منزل كذا، وهذا منزل كذا، وهذه فيد، وهذه المدينة، وأنا أنظر إلى الأرض تجذب من تحتنا كأنها الموج، فصرنا إلى قبر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فزرناه ثم فارقني، وقال: الموعد في الوقت، في الليل، في المصلى.

حتى إذا كان الوقت خرجت فإذا به في المصلى، فاخذ بيدي ففعل كفعله في الأولى والثانية حتى أتينا مكة في الليل، ففارقني، فقبضت عليه فقلت: الصّحبة؛ فقال: إني أريد الشام، فقلت: أنا معك؛ فقال لي: إذا انقضى الحجّ فالموعد هنا عند زمزم.

حتى إذا انقضى الحجّ إذا به عند زمزم، فاخذ بيدي، فطفنا بالبيت، ثم خرجنا من مكة؛ ففعل كفعله الأول والثاني والثالث فإذا نحن ببيت المقدس؛ فلما دخل المسجد قال لي: عليك السّلام، أنا على المقام إن شاء الله ها هنا، ثم فارقني، فما رأيته بعد ذلك، ولا عرّفني اسمه.

قال إبراهيم: فرجعت إلي بلدي فجعلت أسير سير الضعفاء منزلاً بعد منزل حتى رجعت إلى بلخ، وكان ذلك أول أمري.

حدّث أحمد بن عبد الله صاحب لإبراهيم بن أدهم، قال: كان إبراهيم من أهل النعم بخراسان، فبينما هو مشرف ذات يوم من قصره إذ نظر إلى رجل بيده رغيف يأكل في فناء قصره، فاعتبر، وجعل ينظر إليه حتى أكل الرّغيف، ثم شرب ماءً، ثم نام في فناء القصر؛ فألهم الله عز وجل إبراهيم بن أدهم الفكر فيه، فوكل به بعض غلمانه، وقال له: إذا قام هذا من نومه جئني به؛ فلّما قام الرّجل من نومه قال له الغلام: صاحب هذا القصر يريد أن يكلمك، فدخل إليه مع الغلام، فلّما نظر إليه إبراهيم قال له: أيّها الرجل، أكلت الرّغيف وأنت جائع؟

<<  <  ج: ص:  >  >>