للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى انتهى إلى ذلك الموضع، فدارت به حمارته ثلاث مرات في أرض ملساء، فعرف أن بغيته فيها، فقال: يا صاحب الجب، فأجابه دانيال، فقال: قد أسمعت فما تريد؟ قال: أنا رسول الله إليك لأستخرجك من هذا الموضع، فقال دانيال: الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره، الحمد لله الذي لا يكل من توكل عليه إلى غيره، والحمد لله الذي يجزي بالإحسان إحساناً، والحمد لله الذي يجزي بالإساءة غفرانا، والحمد لله الذي يكشف ضرنا عن كربنا، ثم استخرجه، وإن الشبلين لعن يمينه وعن شماله يمشيان معه، وإن ذلك النبي لفي ناحية يفرق منهما، حتى عزم عليهما دانيال أن يرجعا إلى الغيضة.

قال ابن عباس: من قال عند كل سبع: اللهم رب دانيال ورب الجب، ورب كل أسد مستأسد، احفظني واحفظ علي، لم يضره السبع.

وحدث قتادة عن كعب: أن بخت نصر انطلق بدانيال معه إلى أرض بابل يصدر عن رأيه، حتى قيل له: إنه مخالفٌ لك ولا يأكل لحم الخنزير.

قال: فدعاه إلى طعامه فأبى أن يأكله، فسجنه في السجن حتى رأى رؤياه التي قطع بها على ما سنذكره.

وحدث عن وهب أن بخت نصر سار ببني إسرائيل وكنوز بيت المقدس إلى أرض بابل، فأقام أرميا بأرض إيلياء وهي خراب، فكان يبكي وينوح على بيت المقدس، وكان يساعده عليه الخطاف فيطوف حوله، فمن ثم نهي عن قتله، وكانت بقايا من بني إسرائيل متفرقين بلغهم أمر أرميا ومقامه بإيلياء، فاجتمعوا إليه، فقالوا: قد عرفنا الآن أنك نصحتنا، ولو أطعناك لم يصبنا ما أصابنا فمرنا بأمرك.

فقال لهم: أقيموا في أرضنا فنستغفر الله ونتوب إليه لعله يتوب علينا، فقالوا: إنا نخاف أن يسمع بنا بخت نصر، فيبعث إلينا من يتخطفنا، ونحن شرذمة قليلون، ولكن ننطلق إلى ملك مصر، فنستجيره، وندخل في

<<  <  ج: ص:  >  >>