إليه:" سأعمره وأرفعه، وإني باعث ملكاً يقال له كورش من أرض فارس، حتى ينزل بقومه ورجاله حتى يعمرها، ويبني قصورها ومساجدها، ويكشف عن أنهارها، ويغرس أعنابها ونخلها وزيتونها "، فتوجه كورش إليها في جمع ومعه ثلاثون ألف قيم يستعملون الناس، كل قيم على ألف عامل ومعهم ما يحتاجون إليه، ولما أرميا عمارتها سأل ربه أن يقبضه إليه، فمات أرميا، وأنقذ الله بني إسرائيل بعد مائة سنة من أرض بابل على يدي دانيال.
وقال كعب: كان سبب إنقاذ بني إسرائيل من بابل أن بخت نصر لما صدر من بيت المقدس بالأسارى، وفيهم دانيال وعزير وأربعة وصفاء غلمان لم يبلغوا الحلم غير دانيال، واتخذ بني إسرائيل خولا زماناً طويلاً، وإنه رأى رؤيا فزع منها، فدعا كهنته وسحرته، فأخبرهم بما أصابه من الكرب بما في رؤياه، وسألهم أن يعبروها له، فقالوا له: قصها علينا.
قال: قد أنسيتها فأخبروني بتأويلها.
فقالوا: إنا لا نقدر على أن نخبرك بتأويلها حتى تقصها علينا، فغضب، وقال لهم: اخترتكم واصطفيتكم لمثل هذا، اذهبوا فقد أجلتكم ثلاثة أيام، فإن أتيتموني بتأويلها وإلا قتلتكم، وشاع ذلك في الناس، فبلغ دانيال وهو مسجون.
فقال لصاحب السجن وهو إليه محسن: هل لك أن تذكرني للملك فإن عندي علم رؤياه، وإني لأرجو أن تنال بذلك عنده منزلة تكون سبب عاقبتي.
قال له صاحب السجن: إني أخاف عليك سطوة الملك، لعل غم السجن حملك على أن تتروح بما ليس عندك فيه علم، مع أني أظن إن كان أحد عنده من هذه الرؤيا علم فأنت هو.
قال دانيال: لا تخف علي، فإن لي رباً يخبرني بما شئت من حاجتي، فانطلق صاحب السجن، فأخبر بخت نصر بذلك، فدعا دانيال، فأدخل عليه، ولا يدخل عليه أحد إلا سجد له، فوقف دانيال فلم يسجد له، فقال الملك لمن في البيت: اخرجوا، فخرجوا، فقال بخت نصر لدانيال: أخبرني عما يمنعك أن تسجد لي، قال دانيال: إن لي رباً آتاني هذا العلم الذي