للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حين طرحه الفاسق، فانطلق الصيادون الذين معهم سليمان فألقوا شبكتهم، فجروا الشبكة وألقوا ما فيها في السفينة، فأخذ سليمان مكيلاً ينقل الحيتان على عنقه إلى الشاطئ حتى حان غداؤه، فقال لأصحابه: هاتوا غدائي فأعطوه رغيفين ثم تناول بعضهم حوتاً وطرحه إليه وهي الملكة، فأخذها وشق بطنها، فبدر الخاتم فأخذه سليمان فقبله ووضعه في يده فجاءته الطير فأظلته وجاءت الريح فحفت به وجاءت الجن فطارت بجنبيه، فنظر إليه الملاحون فكبروا وخروا سجداً له، فقالوا: أيها الملك إنا لم نعرفك، فقال سليمان: لست ألومكم على ما كان ولا أحمدكم على ما صنعتم إنما هو سلطان ربي أعطانيه قهر به خلقه، وسخرهم لي.

وأمر الريح فحملته ومن معه من الجنود تزيف بهم على وجه الأرض وعلى البحور حتى أتى منزله؛ ثم قال للشياطين علي بالفاسق دمرياط؛ فطافت الشياطين حتى وجدوه في جزيرة القلزم، فصرخوا به فخرج، فقالوا: يا دمرياط أجب سليمان، قال: وأين سليمان؟ أليس قد هلك، ألقيت خاتمه حيث لا يرجع ملكه إليه أبداً!؟ فقالوا: ويلك، إن سليمان قد رد الله إليه خاتمه ورجع إليه ملكه، فقال الفاسق: لا والله لا آتيه أبداً، فرجعوا إلى سليمان فقالوا: إنه قد أبى، فدعا سليمان بطينة فختمها بخاتمه ثم قال: انطلقوا بهذه الطينة واصرخوا به، فإذا خرج فاطرحوا الطينة إليه فإنه سيأتي صاغراً، فانطلقوا فصرخوا به، فلما خرج إليهم، قالوا: انطلق إلى سليمان، قال: لا والله، قالوا: فانظر في هذه الطينة، فطرحوا إليه الطينة، فنظر فيها، فبكى وقال: قهرني سليمان بسلطان ربي، فجاء حتى عبر إليهم فأخذوه وأوثقوه، وأتوا به سليمان، فلما كلمه سليمان قال له دمرياط: لا عذر لي فاصنع ما أنت صانع.

فأمر سليمان الشياطين، فأتوه بحجر طوله أربعون ذراعاً فقال: خذوا الخبيث فأدخلوه في جوفه، ثم أمر بالقطر - وهو النحاس الأحمر - فصب عليه، ثم قال: خذوا هذه الصخرة فانطلقوا بها إلى القلزم فاطرحوه في قعرها ففعلت الشياطين.

قال ابن عباس: لم يجر عرش صاحبة سبأٍ بين السماء والأرض ولكنه انشقت له الأرض، فجرى تحت

<<  <  ج: ص:  >  >>