قال: نعم، الحق أقول لك، لقد سألتني بأمر عظيم، أما إني لا أخيبك بوجه ربي؛ قال: فقدمه إلى السوق، فباعه بأربع مئة درهم؛ فمكث عند المشتري زماناً لا يستعمله في شيء، فقال له: إنك إنما ابتعتني التماس خير عندي، فأوصني بعمل؟ قال: أكره أن أشق عليك، إنك شيخ كبير ضعيف، قال: ليس يشق علي، قال: فانقل هذه الحجارة وكان لا ينقلها دون ستة نفر في يوم فخرج الرجل لبعض حاجته ثم انصرف وقد نقل الحجارة في ساعة، فقال: أحسنت وأجملت، وأطقت ما لم أراك تطيقه، ثم عرض للرجل سفر فقال: إني أحسبك أميناً، فاخلفني في أهلي خلافة حسنة، قال: فأوصني بعمل، قال: إني أكره أن أشق عليك، قال: ليس تشق علي، قال: فاضرب من اللبن لبيتي حتى أقدم عليك؛ فمضى الرجل لسفره، فرجع الرجل وقد شيد بناءه، فقال: أسألك بوجه الله ماسببك وما أمرك؟ قال: سألتني بوجه الله، والسؤال بوجه الله أوقعني في العبودية، سأخبرك من أنا، أنا الخضر الذي سمعت به. سألني مسكين صدقةً، فلم يكن عندي شيء أعطيه، فسألني بوجه الله، فأمكنته من رقبتي فباعني، وأخبرك أنه من سئل بوجه الله فرد سائله وهو يقدر، وقف يوم القيامة جلدةً لا لحم له ولا عظم يتقعقع، فقال الرجل: آمنت بالله شققت عليك يا نبي الله ولم أعلم. قال: لا بأس أحسنت وأبقيت، فقال الرجل: بأبي وأمي، احكم في أهلي ومالي بما أراك الله، أو أخيرك فأخلي سبيلك؟ فقال: أحب إلي أن تخلي سبيلي، فأعبد ربي تعالى؛ فخلى سبيله. فقال الخضر: الحمد لله الذي أوقعني في العبودية ثم نجاني منها.
وعن السدي قال: كان ملك وكان له ابن يقال له الخضر، وإلياس أخوه أو كما قال فقال إلياس للملك: إنك قد كبرت، وابنك الخضر ليس يدخل في ملكك، فلو زوجته لكي يكون ولده ملكاً بعدك؛ فقال له: يا بني تزوج، فقال: لا أريد، قال: لا بد لك، قال: فزوجني، فزوجه امرأةً بكراً؛ فقال لها الخضر: إنه لا حاجة لي في النساء، فإن شئت عبدت الله معي وأنت في طعام الملك ونفقته، وإن شئت طلقتك؟ قالت: بل أعبد الله معك، قال: فلا تظهري سري، فإنك إن حفظت سري حفظك الله، وإن أظهرت عليه أهلكك الله؛ فكانت معه سنة لم تلد، فدعاها الملك فقال: أنت شابة وابني شاب فأين الولد وأنت من نساء ولد؟! فقالت: إنما الولد بأمر الله، ودعا الخضر فقال له: أين الولد يا بني؟ قال: