وعن وهب بن منبه: أن ذا القرنين قال لبعض الأمم: ما بال كلمتكم واحدة وطريقتكم مستقيمة؟ قالوا: من قبل أنا لا نتخادع ولا يغتاب بعضنا بعضاً.
وعنه أيضاً: أن ذا القرنين أتى مغرب الشمس، فرأى قوماً لا يعملون عملاً، وإذا منازلهم ليس لها أبواب، وليس لهم حكام ولا قضاة؛ فاجتمعوا إليه فقال لهم: قد رأيت منكم عجباً، قالوا: وما رأيت من العجب؟ فقال: أرى قبوركم على باب منازلكم، قالوا: كي لا ننسى الموت، قال: فما لي أرى بيادركم واحدة؟! قالوا: لنتقاسم بالسوية، فنعطي من زرع ومن لم يزرع؛ قال: فما لي أرى بيوتكم ليس لها أبواب؟! قالوا: ليس فينا متهم، قال: فما لي أرى الحيات والعقارب تدور فيما بينكم ولا تضركم؟! قالوا: نزع الله من قلوبنا الغش والحناث، فنزع منها السموم؟ قال: فما لي لا أرى فيكم حكاماً؟! قالوا: ليس فينا من يظلم صاحبه، قال: فما لي أراكم أطول الناس أعماراً؟! فقالوا: وصلنا أرحامنا فطول الله عز وجل أعمارنا.
وعن شعيب بن سليمان قال: أتى ذو القرنين مغيب الشمس، وأتى ملكاً من الملائكة كأنه يترجح في أرجوحة من خوف الله عز وجل؛ فهاله ذلك فقال له: علمني علماً لعلي أزداد إيماناً، فقال: إنك لا تطيق ذلك، فقال: لعل الله عز وجل أن يطوقني لذلك، فقال له الملك: لا تغتم لغد، واعمل في اليوم لغد، فإذا آتاك الله من الدنيا سلطاناً فلا تفرح به، وإن صرف عنك فلا تأس عليه، وكن حسن الظن به، وضع يدك على قلبك، فما أحببت أن تصنع بنفسك فاصنعه بأخيك، ولا تغضب فإن السلطان أقدر ما يكون على ابن آدم حين يغضب؛ فرد الغضب بالكظم، وسكنه بالتؤدة؛ وإياك والعجلة، فإنك إذا عجلت أخطأت؛ وكن سهلاً ليناً للقريب والبعيد؛ ولا تكن جباراً عنيداً.
وعن عبد الرحمن بن عبد الله الخزاعي: أن ذا القرنين كان فيما مكن الله عز وجل له، فيما سار من مطلع الشمس إلى مغربها إلى