للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرنين فقال: وهذه الجمجمة، كأن قد كانت كهاتين، فانظر يا ذا القرنين ما أنت صانع؛ فقال ذو القرنين: هل لك في صحبتي فأتخذك أخاً ووزيراً وشريكاً فيما آتاني الله عز وجل من هذا الملك؟ فقال له: ما أصلح أنا وأنت في مكان، ولا أن نكون جميعاً، فقال له ذو القرنين: ولم؟ فقال: من أجل أن الناس كلهم لك عدو ولي صديق، قال: وعم ذلك؟ قال: يعادونك لما في يديك من الملك والمال والدنيا، ولا أجد أحداً يعاديني لرفضي الملك، ولما عندي من الحاجة وقلة الشيء. فانصرف عنه ذو القرنين.

وفي حديث قال: مر الإسكندر بمدينة قد ملكها أملاك سبعة وبادوا، فقال: هل بقي من نسل الأملاك الذين ملكوا هذه أحد؟ قالوا: نعم رجل يكون في المقابر، فدعا به قال: ما دعاك إلى لزوم المقابر؟! قال: أردت أن أعزل عظام الملوك من عظام عبيدهم، فوجدت عظامهم وعظام عبيدهم سواء، فقال له: فهل لك أن تتبعني فأورثك شرف آبائك إن كانت لك همة؟ قال: إن همتي لعظيمة إن كانت بغيتي عندك، قال: وما بغيتك؟ قال: حياة لا موت فيها، وشباب لا هرم معه، وغنىً لا فقر فيه، وسرور بغير مكروه؛ قال: لا؛ قال: فامض لشأنك ودعني أطلب ذلك ممن هو عنده عز وجل ويملكه. قال الإسكندر: هذا أحكم من رأيت.

قال سليمان الأشج صاحب كعب الأحبار: كان ذو القرنين ملكاً صالحاً، وكان طوافاً في الأرض، فبينا هو يطوف يوماً إذ وقف على جبل الهند، فقال له الخضر وكان صاحب لوائه الأعظم: مالك أيها الملك قد فزعت ووقفت؟! فقال: ومالي لا أفزع وأقف، وهذا أثر الآدميين، وموضع قدمين وكفين، وهذه الأشجار ما رأيت في طوافي أطول منها، يسيل منها ماء أحمر! إن لها لشأناً! قال: وكان الخضر قد قرأ كل كتاب فقال للملك: أما ترى الورقة المعلقة في الشجرة الكبرى؟ قال: بلى، قال: هي تخبرك بنبإ هذا المكان؛ قال: فرأى كتاباً فيه: " بسم الله الرحمن الرحيم. من آدم أبي البشر عليه السلام إلى ذريته أوصيكم ذريتي، بني وبناتي بتقوى الله، وأحذركم كيد عدوي وعدوكم إبليس اللعين، الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>