للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال رجل لذي النون: الدنيا لمن؟ قال: لمن تركها، قال الآخرة؟ قال: لمن طلبها. وكان ذو النون يقول: من علامة المحب لله ترك كل ما يشغله عن الله، حتى يكون الشغل بالله وحده؛ ثم قال: من علامة المحبين لله أن لا يأتوا بسواه ولا يستوحشوا معه، ثم قال: إذا سكن حب الله القلب أنس بالله، لأن الله أجل في قلوب العارفين من أن يحبوا سواه.

قيل لذي النون: متى يأنس العبد بربه؟ قال: إذا خافه أنس به، أما علمتم أنه من واصل الذنوب نحي عن باب المحبوب. وكان يقول: ما رجع من رجع إلا من الطريق، ولو وصلوا إليه ما رجعوا. فازهد في الدنيا تر العجب.

كان ذو النون يقول: ثلاثة مفقودة، وثلاثة موجودة: العلم موجود، والعمل بالعلم مفقود؛ والعمل موجود، والإخلاص فيه مفقود؛ والحب موجود، والصدق فيه مفقود.

قال ذو النون: علامة أهل الجنة خمس: وجه حسن؛ وخلق حسن؛ وقلب رحيم؛ ولسان لطيف؛ واجتناب المحارم.

وكان يقول: ليس العجب ممن ابتلي فصبر، وإنما العجب ممن ابتلي فرضي. وكان ذو النون يقول: الناس كلهم موتى إلا العلماء، والعلماء كلهم نيام إلا العاملون، والعاملون كلهم مغترون إلا المخلصون، والمخلصون على خطر عظيم؛ قال الله عز وجل: " ليسأل الصادقين عن صدقهم ".

وكان يقول: ترك الرياء للرياء أقبح من كل رياء. وقال: أمت نفسك أيام حياتك لتحيا بين الأموات بعد وفاتك. وقال: الخوف رقيب العمل، والرجاء شفيع المحن.

سئل ذو النون عن التوبة فقال: توبة العوام من الذنوب؛ وتوبة الخواص من الغفلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>