لمن لا يشرب الماء البارد في الكيزان. قال: وتناولت الكوز فضربت به الأرض فكسرته ثم قالت: سري يدعي المحبة ويشرب الماء البارد في الكيزان، هذا محال. قال: فرأيت الخزف المكسور في غرفته لم يشله ولم يمسه حتى عفا عليه التراب.
وفي حديث آخر: وتناولت القلة بيدها فضربت بها على الأرض فكسرتها.
قال سري: أصبر الناس من صبر على الحق.
قال الجنيد: بت ليلة عند السري، فلما كان في بعض الليل قال لي: يا جنيد، أنت نائم؟ قلت: لا. قال: الساعة أوقفني الحق بين يديه وقال: يا سري، تدري لم خلقت الخلق؟ قلت: لا. قال: خلقت الخلق فادعوا كلهم في، وادعوا محبتي. فخلقت الدنيا فاشتغلوا بها من عشرة آلافٍ تسعة آلاف، وبقي ألفٌ، فخلقت الجنة فاشتغل من الألف تسع مئة بالجنة، وبقيت مئةٌ، فسلطت عليهم شيئاً من البلاء فاشتغل عني بالبلاء من المئة تسعون، وبقيت عشرةٌ فقلت لهم: ما أنتم! لا الدنيا أردتم، ولا في الجنة رغبتم، ولا من البلاء هربتم. فقالوا: وإنك لتعلم ما نريد. فقال: إني أنزل بكم من البلاء ما لا تطيقه الجبال الرواسي، أفتثبتون لذلك؟ قالوا: ألست أنت الفاعل بنا؟ قد رضينا. قلت: فأنتم عبيدي حقاً.
قال الجنيد: سمعت السري يقول: اللهم، مهما عذبتني بشيء فلا تعذبني بذل الحجاب.
قال الجنيد: سألني السري يوماً عن المحبة فقلت: قال قومٌ: هي الموافقة. وقال قوم: الإيثار. وقال قوم: كذا وكذا. فأخذ السري جلدة ذراعه ومدها، فلم تمتد، ثم قال: وعزته لو قلت إن هذه الجلدة يبست على هذا العظم من محبته لصدقت، ثم غشي عليه، فدار وجهه كأنه قمر مشرق.