بشيء من البلاء ثم عافاه كان كالبعير عقله أهله، ثم أطلقوه، لا يدري فيم عقلوه لا فيم أطلقوه.
قال أبو قلابة: إن رجلاً دخل على سلمان وهو يعجن فقال: يا أبا عبد الله، ما هذا؟ قال: بعثنا الخادم في عمل فكرهنا أن نجمع عليه عملين.
قال سلمان: أني لأعد عراق قدري مخافة الظن بخادمي.
قال شقيق: ذهبت أنا وصاحب لي إلى سلمان فقال: لولا أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهانها عن التكلف لتكلفت لكم، قال: فجاءنا بخبز وملح، فقال صاحبي: لو كان في ملحنا صعتر، فبعث سلمان بمطهرته فرهنها فجاء بصعتر، فلما أكلنا قال صاحبي: الحمد لله الذي قنعنا بما رزقنا، فقال سلمان: لو قنعت ما كانت مطهرتي مرهونة.
وعن أبي البحتري أن سلمان دعا رجل إلى طعامه، فجاء مسكين فأخذ كسرة فناوله، فقال سلمان: ضعها حيث أخذتها، فإنما دعونا لتأكل، فما رغبتك أن يكون الأجر لغيرك الوزر عليك؟ وعن أنس قال: اشتكى سلمان، فعاده سعد، فرآه يبكي فقال له سعد: ما يبكيك يا أخي؟ ألست قد صحبت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألست؟ ألست؟ فقال: ما أبكاني واحدة من اثنين، ما أبكاني صبابة بالدنيا، ولا كراهية الآخرة، ولكن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عهد إلينا أنه يكفي أحدكم مثل زاد الراكب، فلا أراني إلا قد تعديته، وأما أنت يا سعد فاتق الله وحده عند حكمك إذا حكمت، وعند قسمك إذا قسمت، وعند همك إذا هممت.