العزيز: إنا قد ولينا ما قد ترى، ولم يكن لنا بتدبيره علم، فما رأيت من مصلحة العامة فمر به يكتب. قال: فكان من ذلك عزل عمال الحجاج، وإخراج من كان في سجن العراق، وإخراج أعطية العراقيين، ومن ذلك كتابه أن الصلاة قد كانت أُميتت فأحيوها، وردوها إلى وقتها، مع أمور حسنة، كان يسمع من عمر بن عبد العزيز فيها، قال: فحدثت من أدرك ذلك أن سليمان هم بالإقامة ببيت المقدس، واتخذها منزلاً، وجمع الناس الأموال بها، قال: وقدم عليه موسى بن نصير من ناحية المغرب، ومسلمة بن عبد الملك، فبينا هو على تلك إذ جاءه الخبر أن الروم خرجت على ساحل حمص فسبت امرأة وجماعة، وللمرأة فيهم ذكر إذ ذاك، فغضب سليمان وقال: ما هو إلا هذا نغزوهم ويغزونا، واله لأغزونهم غزوة أفتح فيها القسطنطينية، أو أموت دون ذلك، ثم التفت إلى مسلمة وموسى فقال: أشيرا علي، فقال موسى: يا أمير المؤمنين، إن أردت ذلك فسر بسيرة المسلمين فيما فتحوه من الشام ومصر إلى إفريقية، ومن العراق إلى خراسان، كلما فتحوا مدينة اتخذوها داراً، وحازوها للإسلام وأهله حتى بلغوا ما رأيت، فابدأ بالدروب فافتح ما فيها من الحصون ومطاميرها ومسالحها حتى تجعله في حوز المسلمين وملكهم حتى تبلغ القسطنطينية، وقد هدمت حصونها وأوهنت قوتها، فإنهم سيعطون بأيديهم فالتفت إلى مسلمة فقال: ما تقول؟ فقال: هذا الرأي إن طال عمر إليه أو كان الذي يلي يثني على رأيك ولا ينقضه، رأيت أن تعمل منه ما عملت، وتبلغ منه ما بلغت، ولا تأتي على ما قاله خمس عشرة سنة، ولكني أرى أن تُغزي جماعة من المسلمين في البر والبحر القسطنطينية فيحاصروها، فإنهم ما دام عليهم البلاء أعطوا الجزية أو فتحوها عنوة، ومتى ما يكن ذلك فإن ما دونها من الحصون بيدك، فقال سليمان: هذا الرأي، فأغزي جماعة أهل الشام والجزية والموصل في البر في نحو عشرين ومئة ألف، أغزى أهل مصر وأهل إفريقية في البحر في ألف مركب عليهم عمر بن هبيرة الفزاري، وعلى جماعة من الناس مسلمة بن عبد الملك، وأغزى داود بن سليمان في جماعته من أهل بيته.
وحدث جماعة أن سليمان بن عبد الملك أخرج لهم الأعطية، وأعلمهم أن غزو القسطنطينية والإقامة