قال محمد بن زياد: رأيت أبا أمامة أتى على رجل في المسجد وهو ساجد يبكي في سجوده، ويدعو ربه، فقال أبو أمامة: أنت أنت! لو كان هذا في بيتك.
قال سليمان بن حبيب المحاربي: دخلت على أبي أمامة مع مكحول وابن أبي زكريا فنظر إلى أسيافنا، فرأى فيها شيئاً من وَضَح فقال: إن المدائن والأمصار فتحت بسيوفٍ ما فيها الذهب ولا الفضة. فقلنا: إنه أقل من ذلك فقال: هو ذاك. أما إن أهل الجاهلية كانوا أسمح منكم. كانوا لا يرجون على الحسنة عشرة أمثالها، وأنتم ترجون ذلك، ولا تفعلونه. قال: فقال محكول لما خرجنا من عنده: لقد دخلنا على شيخ مجتمع العقل.
قال سليمان بن حبيب:
خرجت غازياً، فلما مررت بحمص دخلت إلى سوقها أشتري ما لا غنى بالمسافر عنه. فلما نظرت إلى باب المسجد قلت: لو أني دخلت فركعت ركعتين. فلما دخلت نظرت إلى ثابت بن معبد وابن أبي زكريا ومحكول - وليس محكولنا هذا - في نفر من أهل دمشق. فلما رأيتهم أتيتهم فجلست إليهم، فتحدثنا شيئاً ثم قالوا: إنا نريد أبا أمامة، فقاموا وقمت معهم حتى دخلنا عليه، فإذا شيخ قد رقّ وكبر، فإذا عقله ومنطقه أفضل مما نرى من منظره. فقال في أول ما حدثنا: إن مجلسكم هذا من بلاغ الله إياكم، وحجّته عليكم، فإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد بلغ ما أرسل به، وإن أصحابه قد بلغوا ما سمعوا، فبلَّغوا ما تسمعون: ثلاثة كلهم ضامن على الله حتى يدخله الجنة أو يرجعه بما نال من أجر وغنيمة: رجل قاتل فقتل في سبيل الله فهو ضامن على الله حتى يدخله الجنة أو يرجعه الجنة أو يرجعه بما نال من أجر وغنيمة ورجل توضأ ثم عمد إلى المسجد فهو ضامن على الله حتى يدخله الجنة أو يرجعه بما نال من أجر أوغنيمة. ورجل دخل بيته بسلام. قال: ثم قال: إن في جهنم جسراً له سبع قناطر، على أوسطهن القضاء. قال: فيُجاء بالعبد حتى إذا انتهى إلى القنطرة الوسطى قيل له: ماذا عليك من الدَّيْن؟ قال: فيجيبه - ثم تلا هذه الآية "