فقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن يك شاعر يحسن فقد أحسنت. حدث جلهمة بن عرفطة قال: إني لبالقاع من نمرة إذ أقبلت عير من أعلى نجد. فلما حاذت الكعبة إذا غلام قد رمى بنفسه من عجز بعير فجاء حتى تعلق بأستار الكعبة، ثم نادى: أيا رب البنيّة، أجرني، وإذا شيخ جندعي عشمة محدود قد جاء، فانتزع يده من أسجاف الكعبة، فقام إليه شيخ وسيم قسيم عليه بهاء الملك، ووقار الحكماء فقال: ما شأنك يا غلام، فأنا من آل الله وأجير من استجار به فقال: إن أبي مات وأنا صغير، وإن هذا استعبدني، وقد كنت أسمع أن لله بيتاً يمنع من الظلم. فلما رأيته استجرت به، فقال له القرشي: قد أجرتك يا غلام. قال وحبس الله يد الجندعي إلى عنقه. قال جلهمة بن عرفطة: فحدثت بهذا الحديث عمرو بن خارجة وكان في قعدد الحي فقال: إن لهذا الشيخ لنبأ، يعني: أبا طالب، قال: فهربت رحلي نحو تهامة، اكسع بها الخدود، وأعلو بها الكذّان حتى انتهيت إلى المسجد الحرام وإذا قريش عزين قد ارتفعت لهم ضوضاء يستسقون، فقائل منهم يقول: اعمدوا للاّت والعزىّ، وقائل منهم يقول: اعمدوا لمناة الثالثة الأخرى. فقال شيخ وسيم قسيم حسن الوجه: حبّذا الرأي، أنى تؤفكون وفيكم باقية إبراهيم وسلالة إسماعيل! قالوا له: كأنك عنيت أبا طالب، قال: إنها. فقاموا بأجمعهم وقمت معهم، فدفعنا عليه بابه، فخرج إلينا رجل حسن الوجه مضفر، عليه إزار قد اتشح به، فثاروا إليه فقالوا: يا أبا طالب، أقحط الوادي، وأجدب العيال، فهلمَّ، فاستسق، فقال: دونكم زوال الشمس، وهبوب الريح. فلما زاغت الشمس أو كادت خرج أبو طالب