وقيل قاتله فقالت نائلة لعبد الرحمن بن عديس: إنك أمس القوم بي رحماً وأولادهم بأن تقوم بأمري، أغرب عني هؤلاء الأموات. فشتمها وزجرها، حتى إذا كان في جوف الليل خرج مرزان حتى يأتي دار عثمان، فأتاه زيد بن ثابت، وطلحة بن عبيد الله، وعلي، والحسن، وكعب بن مالك، وعامة من ثم من الصحابة، وتوافى إلى موضع الجنائز صبيان ونساء، فأخرجوا عثمان فصلى عليه مروان، ثم خرجوا به حتى انتهوا به إلى البقيع فدفنوه فيه مما يلي حشان كوكب، حتى إذا أصبحوا أتوا أعبد عثمان فأخرجوهم، فرأوهم فمنعمهم من أن يدفنوهم، فأدخلوهم حشان كوكب، فلما انقشوا خرجوا بهما فدفنوهما إلى جنب عثمان، ومع كل واحد منهما خمسة نفر وامرأة، فاطمة أم إبراهيم بن عربي.
ثم رجعوا فأتوا كنانة بن بشر فقالوا: إنك أمس القوم بنا رحماً فأمر بهاتين الجيفتين اللتين في الدار أن تخرجا. فكلمهم في ذلك فأبوا، فقال: أنا جار لآل عثمان من أهل مصر ومن لفهم، فأخرجوهما فارموا بهما. فجر بأرجلهما فرمي بهما في البلاط، فأكلتهما الكلاب. وكان العبدان اللذان قتلا يوم الدار يقال لهما: نجيح وصبيح، فكان اسماهما الغالب على أسماء الرقيق لفضلهما وبلائهما، ولم يحفظ الناس اسم الثالث.
وقتل رحمه الله يوم الجمعة، ودفن ليلة يوم السبت في جوف الليل، وكان شهيداً فلم يغسل، كفن في ثيابه ودمائه، ولا غلاميه، وترك الآخرون بالبلاط حتى أكلتهم الكلاب.
وكان القوم يتخذون الحشيش في ذلك الزمان كما يتخذ أهل هذا الزمان الأرياف وأهل الأرياف القرط والفصافص،