للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال خالد بن صفوان بن الأهتم: وفدت إلى هشام بن عبد الملك في أهل العراق، فقدمت عليه وقد خرج مبتدياً بحشمه وأهله وجلسائه، وقد نزل في أرض صحصح، في عام كثر وسميه، وأخرجت الأرض زينتها من اختلاف ألوان نبتها، وقد ضرب له سرادق من حبرة ملونة، وقد فرشت له ألوان الفرش، وقد أخذ الناس مجالسهم، فأخرجت رأسي من ناحية الفسطاط، فنظر إلي شبه المستنطق لي، فدعوت له وقلت: ما أجد يا أمير المؤمنين شيئاً أبلغ من حديث من سلف قبلك من الملوك، فإن أذن لي أمير المؤمنين أخبره به. فاستوى جالساً وقال: هات يا بن الأهتم. قلت: يا أمير المؤمنين، إن ملكاً خرج في عام مثل عامنا هذا إلى الخورنق والسدير، وكان قد أعطي بسطة في الملك مع الكثرة والغلبة والقهر، فنظر فأنفذ النظر، فقال لجلسائه: لمن هذا؟ قالوا: للملك. قال: فهل رأيتم أحد أعطي مثل ما أعطيت؟ وكان عنده رجل من بقايا حملة الحجة، ولم تخل الأرض من قائم لله بحجته في عباده، فقال: رأيت ما أنت فيه، أشيء لم تزل فيه أم شيء صار إليك ميراثاً، وهو زائل عنك وصائر إلى غيرك كما صار إليك؟ قال: كذلك هو. قال: فأراك إنما عجبت بشيء يسير، فلا تكون فيه إلا قليلاً وتنقل طويلاً، فيكون غداً عليك حساباً. قال: ويحك فأين المهرب وأين المطلب؟ وأخذته الأقشعريرة، قال: إما أن تقيم في ملكك، فتعمل فيه بطاعة الله على ما ساءك وسرك، وأمضك وأرمضك، وإما أن تنخلع عن ملكك

<<  <  ج: ص:  >  >>