سلكوا منهج المنايا فبادوا ... وأرونا قد حان منا ورود
بينما هم على النمارق والدي ... باج أفضت إلى التراب الخدود
ثم لم ينقض الحديث ولكن ... بعد ذاك الوعيد والموعود
فبكى الحسن حتى تحدرت دموعه على خديه ولحيته، ثم تلا:" كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام " ولعدي بن زيد: من الطويل:
عن المرء لا يسأل وسل عن قرينه ... فإن القرين بالمقارن يقتدي
وفي حديث آخر أن عمر بن هند ملك العرب، لما هلك وفدت وفود العرب إلى كسرى تلتمس الملك، وكان عدي بن زيد كاتب كسرى بالعربية، ووفد فيهم النعمان بن المنذر وكان أحدثهم سناً، فلما قدموا على كسرى قام كل رجل منهم يذكر شرفه وأفعاله، وطاعة قومه له، فقال لهم كسرى: انصرفوا إلى منازلكم حتى يخرج إليكم رأيي. فلما انصرفوا قال لعدي: أي هؤلاء ترى أن أملك وكان النعمان صديقاً لعدي من قبل أن كلاهما من أهل الحيرة؟ قال له عدي: أيها الملك، كلهم شريف محتمل، ولكن فيهم فتى من أهل بيت ملك، لا أراهم يرضون بملكه عليهم. قال: وكيف لا يرضون بما أفعل؟ قال: من قبل أن أمه فارسية وهم يأنفون أن يملكهم ابن فارسية. ولم تكن أم النعمان فارسية، إنما هي غسانية، ولكن عدياً أراد أن يكيد له للذي بينهما من الصداقة، فأغضب كسرى، فلما فرغ، قال النعمان لعدي: اخرج معي فأجعل الخاتم في يدك، ويكون الأمر أمرك. قال عدي: أخاف أن يفطن كسرى لما صنعت، ولكن اخرج فسوف ألحقك، فكان كذلك، فمكث بعده شيئاً ثم لحقه، فوفى له النعمان فجعل الخاتم في يده، وكان الأمر