فلو أن أشياخاً ببدر تشاهدوا ... لبلّ نعال القوم معتبطٌ ورد
قال: وكانت العرب إذا غدر الرجل أوقدوا له ناراً بمنى أيام الحج على الأخشب الجبل المطل على منى، ثم صاحوا: هذه غدرة فلان، ففعلوا ذلك بأبي سفيان في أبي أزيهر.
قال سفيان: قتل بان الزبير وهو ابن ثلاث وسبعين، وقتل معه ابن صفوان وابن مطيع بن الأسود. قيل له: فأين كان عروة؟ قال: بمكة، فلما قتل خرج إلى المدينة بالأموال، فاستودعها، وخرج إلى عبد الملك، فقدم عليه قبل البريد، وقبل أن يصل إليه الخبر. فلما انتهى إلى الباب قال للبواب: قل لأمير المؤمنين: أبو عبد الله على الباب، فقال: من أبو عبد الله؟ قال: قل له: أبو عبد الله، فدخل، فقال: ههنا رجل عليه أثر سفر يقول: قل لأمير المؤمنين: أبو عبد الله عند الباب، فقلت له: من أبو عبد الله؟ فقال: قل له: أبو عبد الله، فقال: ذاك عروة بن الزبير؛ فأذن له. فلما رآه زال له عن موضعه، قال: فجعل يسأله، فقال: كيف أبو بكر؟ يعين عبد الله بن الزبير، فقال: قتل رحمه الله قال: فنزل عبد الملك عن السرير فسجد. وكتب إليه الحجاج أن عروة قد خرج والأموال عنده. قال: فقال له عبد الملك في ذلك، فقال: ما تدعون الرجل حتى يأخذ سيفه فيموت كريماُ؟! قال: فلما رأى ذلك كتب إلى الحجاج أن أعرض عن ذلك.
حدث أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة في حديث عروة بن الزبير
أن الحجاج رآه قاعداً مع عبد الملك بن مروان، فقال له: أتقعد ابن العمشاء معك على سريرك؟! لا أم له. فقال عروة: أنا لا أم لي؟! وأنا ابن عجائز الجنة؟! ولكن إن شئت أخبرتك من لا أم له يا بن المتمنّية. فقال عبد الملك: أقسمت عليك أن تفعل فكفّ عروة.