أن يقبل من محسنهم ويعفوا عن مسيئهم، وأوصيه بأهل الأمصار خيراً بأنهم ردء الإسلام وجباة المال وغيظ العدوّ، وأن لا يؤخذ منهم إلا فضلهم عن رضىً منهم، وأوصيه بالأعراب خيراً فإنّهم أصل العرب ومادّة الإسلام، أن يؤخذ منهم من حواشي أموالهم فيردّ على فقرائهم، وأوصيه بذمّة الله وذ مّة رسوله أن يفي لهم بعدهم، وأن يقاتل من ورائهم، ولا يكلّفوا إلاّ طاقتهم.
قال: فلمّا توفي خرجنا به نمشي، فسلّم عبد الله بن عمر، فقال: يستأذن عمر. قالت: أدخلوه. فأدخل، فوضع هناك مع صاحبيه. فلمّا فرغ من دفنه، ورجعوا، اجتمع هؤلاء الرّهط، فقال عبد الرحمن بن عوف: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم. فقال الزّبير: قد جعلت أمري إلى عليّ وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن؛ وقال طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان. قال: فخلا هؤلاء النّفر الثلاثة عليّ وعثمان وعبد الرحمن بن عوف، فقال: عبد الرحمن للآخرين: أيّكما يبرأ من هذا الأمر ويجعله إليه، والله عليه والإسلام لينظرنّ أفضلهم في نفسه وليحرصنّ على صلاح الأمّة؟ قال: فأسكت الشّيخان عليّ وعثمان؛ فقال عبد الرحمن: اجعلوه إليّ، والله عليّ لا آلو عن أفضلكم. قالا: نعم. فخلا بعليّ فقال: لك من القدم في الإسلام والقرابة ما قد علمت، والله عليك لئن أمّرتك لتعدلنّ ولئن أمّرت عليك لتسمعنّ ولتطيعنّ؟ فقال: نعم. قال: ثم خلا بالآخر، فقال له مثل ذلك؛ فلمّا أخذ الميثاق قال لعثمان: ارفع يديك، فبايعه، ثم بايع له عليّ، ثم ولج أهل الدّار فبايعوه.
عن عمرو بن ميمون، قال: رأيت عمر يوم طعن، وعليه ثوب أصفر، فخرّ وهو يقول:" وكان أمر الله قدراً مقدوراً ".