في ساعة، وعمل ساعة في لحظة، فإن الضّرر على ساقي، وليس بجذع ولا ساجة. فضحك ابن أبي داؤد وأهل المجلس منه. وقال ابن أبي داؤد لمحمد بن منصور: أنا أثق بظرفه ولا أثق بدينه.
قال المبرد: حدّثني الجاحظ، قال: وقفت أنا وأبو حرب على قاصّ، فأردت الولوع به فقلت لمن حوله: إنه رجل صالح لا يحبّ الشّهرة فتفرّقوا عنه. فتفرّقوا عنه، فقال لي: الله حسيبك، إذا لم ير الصّياد طيراً كيف يمدّ شبكته؟
قال يموت بن المزرّع: سمعت خالي عمرو بن بحر الجاحظ يقول: أمليت على إنسان مرّةً: انا عمرو، فاستملى انا بشر، وكتب انا زيد.
عن يحيى بن علي، قال: حدّثني أبي، قال: قلت للجاحظ: إني قرأت في فصل من كتابك المسمّى كتاب " البيان والتبيّن ": إن ممّا يستحسن من النّساء اللّحن في الكلام، واستشهدت ببيتي مالك بن أسماء يعني قوله: من الخفيف
وحديث ألذّه هو ممّا ... ينعت النّاعتون يوزن وزناً
منطق صائب وتلحن أحيا ... نا وخير الحديث ما كان لحناً
قال: هو كذلك. قلت: أفما سمعت بخبر هند بنت أسماء بن خارجة مع الحجّاج حين لحنت في كلامها، فعاب ذلك عليها، فاحتجّت ببيتي أخيها؟ فقال لها: إن أخاك أراد أن المرأة فطنة، فهي تلحن بالكلام إلى غير المعنى في الظّاهر لتستر معناه، وتورّي عنه، وتفهمه من أرادت بالتّعريض، كما قال الله تعالى:" ولتعرفنّهم في لحن القول " ولم يرد الخطأ من الكلام، والخطأ لا يستحسن من أحد. فوجم الجاحظ ساعةً ثم قال: لو سقط إليّ هذا الخبر لما قلت ما تقدّم. فقلت له: