فأصلحه. فقال: الآن، وقد سار الكتاب في الآفاق؟ هذا لا يصلح؛ أو نحو هذا من الكلام.
أنشد أبو العيناء للجاحظ: من الوافر
يطيب العيش أن تلقى حكيماً ... غذاه العلم والظّنّ المصيب
فيكشف عنك حيرة كلّ جهل ... وفضل العلم يعرفه الأديب
سقام الحرص ليس له شفاء ... وداء الجهل ليس له طبيب
وأنشد المبرّد للجاحظ: من السريع
إن حال لون الرّأس عن حاله ... ففي خضاب الرّأس مستمتع
هب من له شيب له حيلة ... فما الذي يحتاله الأصلع
قال إبراهيم بن رباح: أتاني جماعة من الشعراء فأنشدوني، وكلّ واحد منهم يدّعي أنه مدحني بهذه الأبيات، وأعطي كلّ واحد منهم عليها، وهي: من المتقارب
بدا حين أثرى بإخوانه ... ففلّل عنهم شباة العدم
وذكّره خصّة الله بالمكرما ... ت فمازج منه الحياء الكرم
إذا همة قصرت عن يد ... تناولها بجزيل الهمم
ولا ينكث الأرض عند السؤا ... ل ليقطع زوّاره عن نعم
قال إبراهيم: فكان اللاحقيّ منهم، وأحسبها له؛ ثم آخر من جاءني الجاحظ، وأنا والي الأهواز، فأعطيته عليها مالاً؛ ثم كنت عند ابن أبي داؤد فدخل إلينا الجاحظ، فالتفت إليّ ابن أبي داؤد فقال: يا أبا إسحاق قد امتدحت بأشعار كثيرة ما سمعت شيئاً رفع قلبي وقبلته نفسي مثل أبيات مدحني بها أبو عثمان؛ ثم أنشدتها بحضرته:
بدا حين أثرى بإخوانه.....