للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحرث تجد وحين لا تحرث لا تجد. قال: فارتحلوا من عنده فنزلوا على آخر فقالوا: أي شيءٍ أحب إليك أن يكون لك؟ قال: كما أنتم أضيفكم، قال: فجاءهم بخبز فقالوا: قمح صالح؛ ثم جاءهم بلحم فقالوا: روحٌ يأكل روحاً! ماقل منه خير مما كثر. فجاءهم بتمرٍ ولبن، تمر النخلات ولبن البكرات، كلوا بسم الله؛ قال: فأكلوا، قالوا: أخبرنا ما أحدٌ شيء وما أحسن شيء وما أطيب شيء رائحة؟ قال: أما أحد شيء فضرصٌ جائع يقذف في معى ضائع؛ وأما أحسن شيء فغاديةٌ في إثر سارية، في أرضٍ رابية؛ وأما أطيب شيء رائحةٌ فريح زهر في إثر مطر؛ قالوا: فأخبرنا أي شيءٍ أحب إليك أن يكون لك؟ قال: أحب الموت، قالوا: لقد تمنيت شيئاً ما تمناه أحدٌ قبلك! قال: ولم؟ قال: إن كنت محسناً ضمن لي إحساني، وإن كنت مسيئاً كفاني إساءتي، وإن كنت غنياً فقبل فقري، وإن كنت فقيراً ضمن لي فقري. قالوا: أوصنا وزودنا؛ فأخرج إليهم قربة من لبن فقال: هذا زادكم، قالوا: أوصنا، قال: قولوا لا إله إلا الله، تكفيكم ما بين أيديكم وما خلفكم. فخرجوا من عنده وهم يحزمونه على الجن والإنس.

قالوا إن الرجل الذي نزلوا عليه بأخرة عويمر أبو الدرداء.

وعن أبي الدرداء قال: لاتزال نفس أحدكم شابة في حب الشيء ولو التقت ترقوتاه من الكبر إلا الذين امتحن الله قلوبهم للآخرة، وقليل ما هم.

أوجعت أبا الدرداء عينه حتى ذهبت، فقيل له: لو دعوت الله لها العافية، فقال: ما تفرغت بعد من دعائه في ذنوبي أن يغفر لي، فكيف أدعوه لعيني؟!.

قال أبو الدرداء: من لم يكن غنياً عن الدنيا فلا دنيا له.

<<  <  ج: ص:  >  >>