قال أبو الدرداء: أضحكني ثلاثٌ وأبكاني ثلاث: أضحكني مؤمل دنيا والموت يطلبه: وغافلٌ بمفغولٍ عنه؛ وضاحكٌ بملء فيه ولا يدري أرضى اله أم أسخطه. وأبكاني فراق الأحبة محمد وحزبه؛ وهول المطلع عند غمرات الموت؛ والوقوف بين يدي الله يوم تبدو السريرة علانية، ثم لا أدري إلى الجنة أو إلى النار.
قال أبو الدرداء:
معاتبة الأخ أهون من فقده، ومن لك بأخيك كله؟ أعط أخاك وهب له، ولا تطع فيه كاشحاً فتكون مثله، غداً يأتيه الموت فيكفيك قبله، وكيف تبكيه في الممات وفي الحياة تركت وصله؟ وعن أبي الدرداء قال: ابن آدم طأ الأرض بقدمك فإنها عن قليل تكون قبرك، ابن آدم، إنما أنت أيام، فكلما ذهب يوم ذهب بعضك، ابن آدم، إنك لم تزل في هدم عمرك منذ يوم ولدتك أمك.
وعن أبي الدرداء قال: ما من أحد إلا وفي غفلة نقصٍ عن علمه؛ وذلك أنه إذا أتته الدنيا بزيادةٍ في مالٍ ظل فرحاً مسروراً، والليل والنهار دائبان في هدم عمره، ثم لا يحزنه - ضل ضلاله - ما ينفع مالٌ يزيد وعمرٌ ينقص؟ كان أبو الدرداء يقول: لولا ثلاثٌ خلالٍ لصلح أمر الناس: شح مطاع؛ وهوى متبع؛ وإعجاب المرء بنفسه.
وقال: ذروة الإيمان أربع خصال: الصبر في الحكم؛ والرضا بالقدر؛ والإخلاص بالتوكل؛ والاستسلام للرب جل ثناؤه.