ولو يشاء العالم منكم لازداد علماً إلى علمه؛ لقد خشيت أن تكونوا شباعاً من الطعام، جياعاً من العلم، اللهم إني أعوذ بك من أن أبقى في قومٍ إن ذكرت الله لم يعينوني، وإن نسيت لم يذكروني، وإن تركتم أحزنوني.
وعن أبي الدرداء: أنه مر على رجلٍ قد أصاب ذنباً، فكانو يسبونه، فقال: أرأيتم لو وجدتموه في قليبٍ ألم تكونوا مستخرجيه؟ قالوا: بلى، قال: فلا تسبوا أخاكم، واحمدوا الله الذي عافاكم. قالوا: أفلا تبغضه؟ قال: إنما أبغض عمله، فإذا تركه فهو أخي.
قال أبو الدرداء: نعم صومعة الرجل المسلم بيته! يكف فيه نفسه وبصره وفرجه؛ وإياكم والمجالس في السوق، فإنها تلغي وتلهي.
وعن أبي الدرداء قال: قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن ناقدت الناس ناقدوك، وإن تركتهم لم يتركوك، وإن هربت منهم أدركوك. قال: قلت: فما أصنع؟ قال هب عرضك ليوم فقرك.
روي هذا الحديث مرفوعاً وروي موقوفاً.
وفي رواية أن أبا الدرداء قال: من يتفقد يفقد، ومن لا يعد الصبر لفواعج الأمور يعجز؛ وإن قارضت الناس قارضوك، وإن تركتهم لم يتركوك، وإن هربت منهم أدركوك. قال: كيف أصنع. قال: أقرض من عرضك ليوم فقرك.
قوله: من يتفقد يفقد. يقول: من يتأمل أحوال الناس وأخلاقهم يتعرفها. يفقد: أي يعدم أن يجد فيهم أحداً يرتضيه. وإن كانت الرواية: من يتفقد يفقد. فإنه يريد: من يتفقد أمور الناس يفقد، أي ينقطع عنهم وعن ملابستهم، فلا يوجد معهم. وقوله: إن قارضت الناس قارضوك، يريد: إن طعنت عليهم ونلت منهم بلسانك فعلوا مثل ذلك بك. وقوله: أقرض من عرضك ليوم فقرك: أراد من شتمك منهم فلا تشتمه،