للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبي هريرة قال: عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: كل ابن آدم يطعن الشيطان بإصبعه في جنبه حين يولد إلا عيسى بن مريم فإنه ذهب ليطعن فطعن في الحجاب.

قال وهب بن منبه: لما ولد عيسى بن مريم أتت الشياطين إبليس - لعنهم الله - فقالوا: أصبحت الأصنام قد نكست رؤوسها، فقال: هذا حادثٌ حدث، مكانكم، وطار حتى جاب خافقي الأرض فلم ير شيئاً ولم يجد شيئاً، ثم جاب البحار فلم يقدر على شيء، ثم طاف أيضاً فوجد عيسى قد ولد عند مذود حمار، وإذا الملائكة قد حفت حوله، فرجع إليهم فقال: إن نبياً قد ولد البارحة ما حملت أنثى قط ولا وضعت إلا وأنا بحضرتها إلا هذا. فأيسوا أن تعبد الأصنام بعد هذه الليلة، ولكن ائتوا بني آدم من قبل الخفة والعجلة.

وعن عكرمة بن خالد المخزومي قال: لما ولد عيسى بن مريم لم يبق شيء يعبد من دون الله إلا خر لوجهه ففزعت لذلك الشياطين واجتمعوا إلى إبليس فأخبروه، فركب، فإذا بعيسى في مهده، فأراده، فحال الله بينه وبينه وملائكته، فقال له إبليس: أتعرفني؟ قال: نعم أنت إبليس، قال: صدقت، قال: أما إني ما جئتك تصديقاً بك، ولكن رحمتك ورجمت أمك لما قالت بنو إسرائيل فيها، فلو أمرت أمك فجعلتك على شاهقةٍ من الجبل ثم طرحتك فإن ربك وملائكته لم يكن ليسلمك ولا ليكسرك، فقال عيسى: يا قديم الغي! إنما أفعل ما يأمرني ربي، وإني أريد أن أعرف كرامتي عند الله عز وجل.

قال وهب بن منبه:

سألني ابن عباس عن عيسى بن مريم وميلاده، وعن لقيه إبليس بعقبة بين المقدس، وعن نعت الإسلام، وعن صفة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الإنجيل فقلت: نعم، إن إبليس عدو الله اتخذ مجلساً على اللجة الخضراء، ثم بث شياطينه في ولد آدم فقال: انطلقوا فأتوني بأحداث الدنيا، فأتوه بجماعتهم لست ساعات مضين من النهار، فقال: أخبروني عما كنت وجهتكم؟ فقالوا: سيدنا، قد كانت الأصنام بغيتنا ورجاء ضلالة ابن آدم، فلم يبق صنم إلا أصبح منكوساً قد انحدرت حدقتاه على وجنتيه، فساء ظننا وأسقط في أيدينا. فأتوه لست ساعاتٍ مضين من النهار، فقال لهم إبليس: على رسلكم، أعلم علم ما أتيتوني، وكان ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>