وعلي فتوكل، خذ الكتاب بقوة، فسر لأهل السريانية السريانية، بلغ بين يديك أني أنا الحي القائم الذي لا أزول، صدقوا النبي الأمي العربي، صاحب الجمل والتاج - وهي العمامة - والمدرعة والنعلين والهراوة - وهو القضيب - الأنجل العينين، الصلت الجبين، الواضح الخدين، الجعد الرأس، الكث اللحية المقرون الحاجبين، الأقنى الأنف، المفلج الثنايا البادي العنفقة، الذي كأن عنقه إبريق فضة، كأن الذهب يجري في تراقيه، له شعيراتٌ من لبته إلى سرته يجري كالقضيب، ليس على بطنه ولا على صدره شعر غيره، شثن الكف والقدم، إذا التفت التفت جميعاً، وإذا مشى كأنما يتقلع من صخر وينحدر من صبب، عرقه في وجهه كاللؤلؤة، ريح المسك ينفح منه، لم ير قبله ولا بعده - يعني مثله - الحسن القامة، الطيب الريح، نكاح النساء، ذا النسل القليل إنما نسله من مباركة، لها بيتٌ - يعني في الجنة - من قصب، لانصب فيه ولا صخب؛ تكفله يا عيسى في آخر الزمان، كما كفل زكريا امك، له منها فرحان مستشهدان وله عندي منزلة ليس لأحد من البشر، كلامه القرآن ودينه الإسلام، وأنا السلام، طوبى لمن أدرك زمانه وشهد أيامه وسمع كلامه. قال عيسى: يا رب! وما طوبى؟ قال: غرس شجرة أنا غرستها بيدي، فهي الجنان كلها، أصلها من رضوان وماؤه من تسنيم، وبردها برد الكافور وطعمها طعم الزنجبيل، وريحها ريح المسك، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً. قال عيسى: يا رب اسقني منها، قال: حرامٌ على النبيين أن يشربوا منها حتى يشرب ذاك النبي، وحرامٌ على الأمم أن يشربوا منها حتى تشرب أمة ذاك النبي. قال: يا عيسى أرفعك إلي، قال: يا رب! ولم ترفعني؟ قال: أرفعك ثم أهبطك في آخر الزمان لترى من أمة ذلك النبي العجائب، ولتعينهم على قتال اللعين الدجال، أهبطك في وقت صلاة، ثم لا تصل بهم لأنهم أمةٌ مرحومة، ولا نبي بعد نبيهم.
وروي أن عيسى بن مريم قال: رب أنبئني عن هذه الأمة المرحومة؟ قال: أمة أحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هم علماء حلماء، كأنهم انبياء، يرضون مني بالقليل من العطاء، وأرضى منهم باليسير من العمل، وأدخلهم الجنة بلا إله إلا الله، ياعيسى هم أكثر سكان أهل الجنة لأنها لم تذل ألسن قومٍ قط بلا إله إلا الله، كما ذلت ألسنتهم، ولم تذل رقاب قومٍ قط بالسجود كما ذلت رقابهم.