كان عيسى يصلي على رأس الجبل، فأتاه إبليس فقال: أنت الذي يزعم أن كل شيءٍ بقضاءٍ وقدر؟ قال: نعم، قال: ألق نفسك من الجبل وقد قدر علي، قال: يالعين! الله يختبر العباد، ليس العباد يختبرون الله عز وجل.
وفي حديثٍ بمعناه: قال: أما علمت أن الله تعالى قال: لا يجربني عبدي فإني أفعل ما شئت.
صلى عيسى بن مريم ببيت المقدس فانصرف، فلما كان ببعض العقبة عرض له إبليس فاحتبسه، فجعل يعرض عليه ويكلمه ويقول له: إنه لا ينبغي لك أن تكون عبداً؛ فأكثر عليه وجعل عيسى يحرص على أن يتخلص منه، فجعل لا يتخلص منه، فقال له فيما يقول: لا ينبغي لك يا عيسى أن تكون عبداً؛ فاستغاث عيسى بربه فأقبل جبريل وميكائيل، فلما رآهما إبليس كف، فلما استقرا معه العقبة اكتنفا عيسى، وضرب جبريل إبليس بجناحه فقذفه في بطن الوادي، قال: فعاد إبليس معه وعلم أنهما لم يؤمرا بغير ذلك، فقال لعيسى: قد أخبرتك أنه لاينبغي لك أن تكون عبداً، إن غضبك ليس غضب عبد، وقد رأيت ما لقيت منك حين غضبت، ولكن أدعوك إلى أمرٍ هو لك، آمر الشياطين فليطيعوك، فإذا رأى الإنس أن الشياطين قد أطاعوك عبدوك، أما إني لا أقول أن تكون إلهاً ليس معك إله، ولكن الله يكون إلهاً في السماء وتكون أنت إلهاً في الأرض، فلما سمع عيسى ذلك منه استغاث بربه وصرخ صرخةق شديدة، فإذا إسرافيل قد هبط فنظر إليه جبريل وميكائيل فكف إبليس، فلما استقر معهم ضرب إسرافيل إبليس بجناحه فصك به عين الشمس، ثم ضربه ضربة اخرى فأقبل إبليس يهوي، ومر بعيسى وهو مكانه فقال: يا عيسى لقد لقيت منك اليوم تعباً شديداً، فرمى به في عين الشمس، وجره سبعة أملاك عند العين الحامية؛ قال: فغطوه، فجعل كلما خرج غطوه في تلك الحمأة. قال: والله ما عاد إليه بعد.