عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروحٌ منه، فآمنوا به يا معشر بني إسرائيل خيرٌ لكم. فانطلقوا به إلى ملكهم - وكان جباراً طاغياً - فقال له: ويلك! ما تقول؟ قال: أقول إن عيسى عبد اللهورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروحٌ منه؛ قال: كذبت؛ فقذفوا عيسى وأمه بالبهتان، ثم قال له: تبرأ ويلك من عيسى وقل فيه مقالتنا! فقال: لا أفعل، فقال الملك: إن لم تفعل قطعت يديك ورجليك وسمرت عينيك، فقال: افعل ما أنت فاعل. قال: ففعل به ذلك، فألقاه على مزبلةٍ في وسط مدينتهم.
قالوا: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأصحابه: كونوا كحواريي عيسى بن مريم، رفعوا على الخشب وسمروا بالمسامير وطبخوا في القدور، وقطعت أيديهم وأرجلهم وسمرت أعينهم فكان ذلك البلاء والقتل في طاعة الله أحب إليهم من الحياة في معصية الله.
قال الرواة: إن الملك هم أن يقطع لسانه إذ دخل شمعون وقد اجتمع الناس، فسلم، فلما نظروا إليه أنكروه، فقال لهم: ماقال هذا المسكين؟ قالوا: يزعم أن عيسى عبد الله ورسوله، فقال شمعون: أيها الملك أتأذن لي فأدنوا منه فأسأله؟ قال: نعم، فقال له شمعون: أيها المبتلى! ما تقول؟ قال: أقول: إن عيسى عبد الله ورسوله، قال: فما آيته نعرفه؟ قال: يبرء الأكمة والأبرص والسقيم، قال: هذا يفعله الأطباء فهل غيره؟ قال: نعم، يخبركم بما تأكلون وما تدخرون، قال: هذا يعرفه المهنة فهل غير هذا؟ قال: نعم، يخلق من الطين كهيئة الطير، قال: هذا قد تفعله السحرة، يكون أخذه منهم. قال: فجعل يتعجب الملك منه وسؤاله، فقال: هل غير هذا؟ قال: نعم، يحيي الموتى، قال: أيها الملك! إنه ذكر أمراً عظيماً! وما أظن خلقاً يقدر على ذلك إلا بإذن الله، ولا يقضي الله ذلك على يدي ساحرٍ كذاب، فإن لم يكن عيسى رسولاً فلا يقدر على ذلك، وما فعل الله ذلك بأحد إلا بإبراهيم حين سأله " رب أرني كيف تحيي الموتى " ومن مثل إبراهيم خليل الرحمن! فقال الله: " أو لم تؤمن قال بلى ".
ذكر الحسن أن عيسى بن مريم ومعه ناسٌ من الحواريين، فأتوا على ذهبٍ كثير موضوع، فقال عيسى النجاء النجاء! إنما هي النار. ثم مضى ومضى أصحابه، وتخلف منهم ثلاثة،