فقال رجلان منهم لصاحبهما: إنا لا نستطيع هذا الذهب إلا أن نحمله على شيء فخذ من هذا الذهب فاشتر لنا به طعاماً واشتر لنا ظهراً نحمل عليه من هذا الذهب. فانطلق لما أمراه به، فأتى الشيطان للرجلين فقال لهما: إذا أتاكما فاقتلاه واقسما المال نصفين، فلما أحكم أمرهما انطلق إلى الآخر فقال: إنك لن تطيق هذين، فاجعل في الطعام سما فأطعمهما واذهب بالمال وحدك. فابتاع من المدينة سما، فجعله في طعامهما؛ فلما أناهما وثبا عليه فقتلاه، ثم قربا الطعام فأكلا منه فماتا. فانطلق عيسى إلى حاجته ثم رجع، فإذا هو بهم قد موتوا عند الذهب فقال: انظروا إلى هؤلاء! ثم حدثهم حديثهم، ثم قال لأصحابه: النجاء النجاء! فإنما هي النار.
وعن بن عباس قال:
لما بعث الله عيسى وأمره بالدعوة لقيه بنو إسرائيل فأخرجوه، فخرج هو امه يسيحون في الأرض، فنزلوا في قرية على رجلٍ فأضافهم فأحسن إليهم، وكان للمدينة ملكٌ جبارٌ معتدٍ، فجاء ذلك الرجل يوماً وقد وقع عليه هم وحزن، فدخل منزله ومريم عند امرأته فقال لها: ما شأن زوجك أراه حزيناً؟ فقالت: ل تلسيني، قالت: أخبرني لعل الله يفرج كربه، قالت: فإن لنا ملكاً يجعل على كل رجلس منا يوماً يطعمه هو وجنوده ويسقيهم الخمر، فإن لم يفعل عاقبه، وإنه قد بلغت نوبته اليومن يريد أن يصنع له فيه، وليس الآن عندنا سهة، قالت: فقولي له فلا يهتم، فإني آمر ابني فيدعو له، فيلقى ذلك، فقالت مريم لعيسى في ذلك، فقال عيسى: يا أمه! إني إن فعلت كان في ذلك شر! قالت: لا تبالي فإنه قد أحسن إلينا وأكرمنا، فقال عيسى: فقولي له إذا اقترب ذلك فاملاٌ قدورك وخوابيك ما ثم أعلمني، فلما ملأهن أعلمه، فدعا الله، فتحول ما في القدور لحماً ومرقاً وخبزاً، وما في الخوابي خمراً لم ير الناس مثله قط، فلما جاءه الملك أكل منه، فلما شرب الخمر سأل: من أين لك هذا الخمر؟ قال: هو من أرض كذا وكذا، قال الملك: فإن خمري أوتى به من تلك الأرض، ليس هو مثل هذا! قال: هو من أرضٍ أخرى: فلما خلط على الملك اشتد عليه فقال: أنا أخبرك، عندي غلامٌ لا يسأل الله شيئاً إلا أعطاه، وإنه دعا الله فجعل الماء خمراً، فقال له الملك - وكان له ابن يريد أن يستخلفه فمات قبل ذلك بأيام - وكان أحب الخلق إليه - فقال: إن رجلاً دعا الله فجعل الماء خمراً ليستجابن له حتى يحيي ابني؛ فدعا عيسى فكلمه وسأله أن يدعو الله أن يحيي ابنه، فقال