كان المعتصم يطرق عريباً كثيراً، فشغل أياماً عنها، وكانت تتعشق فتى، فأحضرته ذات يوم، وقعدت تسقيه وتشرب معه وتغنيه، إذ أقبل المعتصم، فأدخلته بعض المجالس، ووافى المعتصم فرأى من الآلة والزي ما أنكره! وقال لها: عريب! ما هذا؟ قالت: جفاني أمير المؤمنين هذه الأيام واشتد شوقي إليه، وعيل صبري فمثلت مجلس أمير المؤمنين إذا طرقني وأحضرت من الآلة ما كنت أحضره إذا زارني وأكرمني، ونصبت له شرابه بين يديه كما كنت أفعل، وجعلت شرابي بين يدي كأسي؛ فهذه حالي إلى أن دخل أمير المؤمنين، فصح فألي. فقعد المعتصم وشرب وفرح وسكر، فلما انصرف أخرجت الفتى، فما زالا في أمرهما إلى الصبح.
قال عبد الله بن المعتز: وقعت إلي رقاعٌ لعريب، مكاتبات منثورة ومنظومة، فقرأت رقعةٌ منها إلى المأمون وقد خرج إلى فم الصلح، لزفاف بوران: من السريع
انعم تخطتك صروف الردى ... بقرب بوران مدى الدهر
درة خدرٍ لم يزل نجمها ... بنجم مأمون العلا يجري
حتى استقر الملك في حجرها ... بورك في ذلك من حجر
يا سيدي لا تنس عهدي فما ... أطلب شيئاً غير ما تدري
قال عبد الله: فذكرت ذلك لعجوزٍ من جواري بوران، فعرفت القصة وقالت: إن المأمون قرأ الرقعة على بوران فقال: أفهمت معنى الزانية؟ قالت: نعم، فبالله يا سيدي إلا سررتني بالكتاب بحملها إليك. فحملت إليه.
لما توفى محمد بن حامد الذي كانت عريب تحبه صار جعفر بن حامد إلى منزله لينظر