قال: اقرأ، فقرأ:" بسم الله الرحمن الرحيم، يس والقرآن الحكيم، إلى أن بلغ " لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون " قال له: قف، كيف ترى؟ قال: كأني لم أقرأ هذه الآية قط، قال: زد، قال: " إنا جعلنا في أعناقهم أغلالاً فهي إلى الأذقان فهم مقمحون " قال: قف، من جعل الأغلال في أعناقهم؟ قال: لا أدري، قال: ويلك! الله والله، قال: زد، قال: " وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً " قال: قف، ويلك! من جعل السد من بين أيديهم؟ قال: لا أدري، قال: ويلك! الله والله، زد ويلك " وسواءٌ عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون، إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرةٍ وأجرٍ كريم " قف، كيف ترى؟ قال: كأني والله لم أقرأ هذه السورة قط، فإني أعاهد الله أني لا أعود في شيءٍ من كلامي أبداً. فانطلق، فلما ولى، قال عمر بن عبد العزيز: اللهم إن كان أعطاني بلسانه ومحنته في قلبه فأذقه حر السيف.
فلم يتكلم في خلافة عمر وتكلم في خلافة يزيد بن عبد الملك، فلما مات يزيد أرسل إليه هشام: ألست كنت عاهدت الله لعمر أنك لا تكلم في شيءٍ من كلامك قال: أقلني يا أمير المؤمنين، قال: لا أقالني الله إن أنا أقلتك يا عدو الله! أتقرأ فاتحة الكتاب؟ قال: نعم، فقرأ: " بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، إياك نعبد وإياك نستعين "، قال: قف يا عدو الله، على ما تستعين الله، على أمرٍ بيدك أم على أمرٍ بيده؟ من هاهنا انطلقوا به فاضربوا عنقه واصلبوه، قال: يا أمير المؤمنين على ما تضرب عنقي على غير حجة؟ قال: ويلك! وتكون الحجة المرجح من كتاب الله تنطق عليك بالحق، قال: يا أمير المؤمنين أبرز إلي رجلاً من خاصتك أناظره، فإن أدرك علي أمكنته من علاوتي فليضربها، وإن أنا أدركت عليه فاتبعني به. قال هشام: من لهذا القدري؟ قالوا: الأوزاعي. فأرسل إليه وكان بالساحل فلما قدم عليه قال له: يا قدري! إن شئت ألقيت عليك ثلاثاً، وإن شئت أربعاً وإن شئت واحدة ... الحديث.