ولما صعدت المنبر اهتز واكتسى ... ضياء وإشراقاً كما سطع الفجر
بهرت قلوب السامعين بخطبةٍ ... هي الزهر المبثوث واللؤلؤ النثر
فما ترك المنصور نصرك عندها ... ولا خانك السجاد فيها ولا الحبر
جزيت جزاء المحسنين عن الهدى ... وتمت لك النعمى وطال لك العمر
فقال المتوكل للفتح: هذا شاعرك! فجعل يصفني له، فعلمت أنه في صلتي إلى أن أمر لي بعشرة آلاف درهم، فأخذتها من وقتي وخصصت بالفتح حتى كنت أشفع الناس إليه، ثم صيرني بعد في جلساء المتوكل.
قال البحتري: كنت أمدح المتوكل بمثل مدائحي في الفتح بن خاقان مقوماً لفظي عبر مرسلٍ نفسي، فقال لي الفتح - وكان قوي الأدب حسن المعرفة بالشعر - ليس بك حاجةٌ في مدد أمير المؤمنين إلى مثل هذا، لين كلامك حتى يفهم عنك، فإنه يلذ ما يفهم. فعلمت أنه نصحني، فمدحته بأشعاري الني منها: من الخفيف
لي حبيبٌ قد لج في الهجر جداً ... وأعاذ الصدود منه وأبدا