للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال البحتري: قال لي المتوكل: قل في شعراً وفي الفتح، فإني أحب أن يحيا معي ولا أفقده فيذهب عيشي، ولا يفقدني فيذل، فقل في هذا المعنى، فقلت: من الخفيف

سيدي أنت كيف أخلفت وعدي ... وتثاقلت عن وفاء بعهدي

لا أرتني الأيام فقدك يا فت ... ح ولا عرفتك ما عشت فقدي

أعظم الرزء أن تقدم قبلي ... ومن الرزء أن تؤخر بعدي

حسداً أن تكون إلفاً لغيري ... إذ تفردت بالهوى فيك وحدي

فقتلا معاً وكنت حاضراً فربحت هذه الضربة - وأومأ إلى ضربةٍ في ظهره - فقال: أحسنت با بحتري! وجئت بما في نفسي لما أنشدته من أمر الفتح. وأمر لي بألف دينار.

قال البحتري: كنت عملت هذه الأبيات في غلامٍ لي، كنت أكلف به، فلما أمرني المتوكل بما أمر تنحيت فقلت الأبيات وأريته عملتها في وقتي وما غيرت فيها إلا لفظة واحدة، فإني كنت قلت:

لا أرتني الأيام فقدك ما عشت

فجعلته يافتح.

قال علي بن الجهم: إني عند المتوكل يوماً، والفتح جالس إذ قيل له: فلان النخاس بالباب، فأذن له، فدخل ومعه وصيفة، فقال له المتوكل: ما صناعة هذه؟ قال ترقأ بألحان، فقال الفتح: اقرئي لنا خمس آيات، فاندفعت تقول: من السريع

قد جاء نصر الله والفتح ... وشق عنا الظلمة الصبح

خدين ملكٍ ورجا دولةٍ ... وهمه الإشفاق والنصح

الليث إلا أنه ماجدٌ ... والغيث إلا أنه سمح

<<  <  ج: ص:  >  >>