القبلة فدخل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على النعت والصفة وعليه بردان مثل هذه البرود اليمانية قد تأزر بواحدةٍ وتردى بالأخرى، فجاء فاستوى على رجله اليسرى وأقام اليمنى.
قال محمد بن عكاشة: فأردت أن أقول: حياك الله، فبدأني فقال:" حياك الله يا محمد " وكنت أحب أن أرى رباعيته مكسورةً، فتبسم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنظرت إلى رباعيته المكسورة، قفلت: يا رسول الله إن الفقهاء قد خلطوا علي وعندي أصناف من السنة، فأعرضهن عليك؟ قال: نعم؛ قلت: الرضى بقضاء الله والتسليم لأمره، وذكر الأصول التي عددها في أول الحديث.
قال محمد بن عكاشة: فلما ذكرت أفضل الناس بعد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبو بكر وعمر وقفت عند علي وعثمان كأني تهيبت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أفضل عثمان على علي، فقلت في نفسي: علي ابن عمه، وعثمان ختنه، فتبسم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كأنه قد علم ما أردت، ثم قال:" عثمان ثم علي " ثم قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هذه السنة فشد يدك بها ". وضم أصابعه.
قال محمد: عرضت عليه هذه الأصول ثلاث ليالٍ كل ليلة أقف عند علي وعثمان فتبسم عند وقوفي كأنه قد علم ثم يقول: " عثمان ثم علي تمسك بها ".
قال محمد بن عكاشة: أعرض عليه هذه الأصول وعيناه تهملان، فلما أن قلت: الكف عن مساوئ أصحابك، فانتحب حتى علا صوته.
قال ابن عكاشة: وجدت حلاوةً في فمي وقلبي فمكثت ثمانية أيام لا آكل طعاماً حتى ضعفت عن صلاة الفريضة، فلما أكلت ذهبت تلك الحلاوة من فمي.
قال سعيد بن عمرو البرذعي:
قلت لأبي زرعة: محمد بن عكاشة الكرماني: فحرك رأسه وقال: قد رأيته، وكتبت عنه وكان كذاباً؛ قلت: كتبت عنه الرؤيا التي كان يحكيها؟ قال: نعم كتبت عنه فزعم أنه عرض على شبابة: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص فقال به، وعلى أبي نعيم: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي فقال به، كذاب لا يحسن أن يكذب أيضاً، قلت: أين رأيته؟ قال: قدم علينا ها هنا مع محمد بن رافع النيسابوري، وكان رفيقه وكنت أراه، له سمتٌ؛ فسألت محمد بن رافع عنه فكره أن يقول فيه شيئاً، وقال: لا يخفى