للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأصادوا حمار وحش، وتيساً، وأرنباً؛ فقال الأسد للذئب: من يكون القاضي ويقسم هذا بيننا؟ قال: أما الحمار فلك يا أبا الحارث، والتيس لي، والأرنب للثعلب؛ فضربه الأسد ضربة وضع رأسه بين يديه، ثم قال للثعلب: من يقسم هذا بيننا؟ قال: أنت، أصلحك الله. قال الأسد: لا، بل أنت، أنا الأمير وأنت القاضي. قال الثعلب: الحمار لك تتغذى به، والأرنب لك تتفكه به ما بينك وبين الليل، والتيس لك تتعشى به. قال الأسد: ويحك - يا أبا الحصين - ما أعدلك، من علمك هذا القضاء؟ قال: علمنيه الرأس الذي بين يديك؛ ولكن الشيخ المضروب هو الذي علم هؤلاء حتى قالوا ما سمعت؛ فضحك الحجاج، ووصل المضروب، وخلى سبيل العامل.

عن أبي الحسن المدائني، قال: دخل مالك بن أسماء سجن الكوفة، قال: فجلس إلي رجل من بني مرة، ثم اتكأ علي في يوم حار. قال مالك: وأقبل علي المري يحدثني حتى أكثر وغمني، ثم قال: أتدري كم قتلنا منكم في الجاهلية؟ قال: قلت: أما في الجاهلية فلا، ولكن أعرف من قتلتم منا في الإسلام. قال: من؟ قلت: أنا، قد قتلتني غماً.

حدث سعيد بن سلم، قال: كان الحجاج بن يوسف ينشد ول مالك بن أسماء بن خارجة: " من المنسرح "

يا منزل الغيث بعدما قنطوا ... ويا ولي النعماء والمنن

يكون ما شئت أن يكون وما ... قدرت ألا يكون لم يكن

لو شئت إذ كان حبها عرضاً ... لم ترني وجهها ولم ترني

يا جارة الحي كنت لي سكناً ... إذ ليس بعض الجيران بالسكن

أذكر من جارتي ومجلسها ... طرائفاً من حديثها الحسن

ومن حديث يزيدني مقةً ... ما لحديث المحبوب من ثمن

ثم يقول الحجاج: ما له، فضّ الله فاه، ما أشعره، وما أخبره!

<<  <  ج: ص:  >  >>