السكسكي: أيها الأمير، ليس هذا وقت أكل، هذا وقت مصيبة. فقال مالك بن طوق: المصيبة نجزع لها ما لم تقع، فإذا وقعت لم يكن لها إلا الصبر عليها. فأكل وأكل الناس.
قال السفر بن اسماعيل: وحضرنا مالك بن طوق في وقت علة أصابته عندنا بدمشق، فأنشد:" من الوافر "
وليس من الرزية فقد مال ... ولا شاة تموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد شخص ... يموت لموته ناس كثير
قال: ودخل سهل بن بشر بن مالك بن الأخطل التغلبي على مالك بن طوق، وهو نصراني وفي عنقه صليب، فقال له مالك بن طوق: من أنت؟ فانتسب له، وعرفه أنه من ولد الأخطل الشاعر التغلبي، وأنه ابن عم الأمير. فقال له مالك بن طوق: صدقت:، أنت ابن عمي، واللحم والدم واحد، ولكن ما تقدم من الكفر فألغوه، فلا تعتقدوه، فقد جاء الحق وزهق الباطل؛ وأمر بأثواب فأحضرت، فألبسه إياها، وأمر بجائزة فدفعت إليه، ولم يفارقه حتى أسلم، وضمن له أن يجمع ولده جده فيأخذهم بالإسلام، ففعل وأسلموا كلهم بين يدي مالك بن طوق.
قال: وكان السفر يقول لأبنه: يا بني، ما لبسنا الثياب السرية من الدراريع وغيرها، وضحينا الضحايا إلا من مال مالك بن طوق، وكنا ندل عليه بالعشيرة.
قال أبو تمام حبيب بن أوس الطائي: وقفت على باب مالك بن طوق الرحبي أشهراً، فلم أصل إليه، ولم يعلم بمكاني، فلما أردت الأنصراف قلت للحاجب: أتأذن لي عليه أم أنصرف؟ فقال: أما الإذن فلا سبيل