عن عبيد بن صخر بن لوذان الأنصاري السلمي - وكان فيمن بعثه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع عمال اليمن - فقال: فرق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمال اليمن في سنة عشر بعدما حج حجة التمام، وقد مات باذام، فلذلك فرق أعمالها بين شهر بن باذام، وعامر بن شهر الهمداني وعبد الله بن قيس أبو موسى، وخالد بن سعيد بن العاص، والطاهر بن أبي هالة، ويعلى بن أمية، وعمرو بن حزم؛ وعلى بلاد حضرموت زياد بن لبيد البياضي، وعكاشة بن ثور على السكاسك والسكون، وبعث معاذ بن جبل معلماً لأهل اليمن وحضرموت، وقال:" يا معاذ، إنك تقدم على أهل الكتاب، وإنهم سائلوك عن مفاتيح الجنة فأخبرهم أن مفاتيح الجنة لا إله إلا الله، وأنها تخرق كل شيء حتى تنتهي إلى الله عز وجل لا تحجب دونه، فمن جاء بها يوم القيامة مخلصاً رجحت به كل ذنب "
فقال معاذ: إذا سئلت واختصم إلي فيما ليس في كتاب الله ولم أسمع منك فيه سنة؟ فقال " تواضع لله عز وجل يرفعك الله، واستدق الدنيا تلقك الحكمة، فإنه من تواضع لله عز وجل واستدق الدنيا أظهر الله الحكمة من قلبه ولسانه، ولا تقيضن ولا تقولن إلا بعلم، فإن أشكل عليك أمر فاسأل ولا تستحي، واستشر، فإن المستشير معان والمستشار مؤتمن، ثم اجتهد فإن الله عز وجل إن يعلم منك الصدق يوفقك، فإن ألبس عليك فقف وأمسك حتى تتبينه أو تكتب إلي فيه، ولا تضربن فيما تجد في كتاب الله ولا في سنتي على قضاء إلا عن ملأ، واحذر الهوى فإنه قائد الأشقياء إلى النار، وإذا قدمت عليهم فأقم فيهم كتاب الله، وأحسن أدبهم، وأقرئهم القرآن يحملهم القرآن على الحق وعلى الأخلاق الجميلة، وأنزل الناس منازلهم فإنهم لا يستوون إلا في الحدود، لا في الخير ولا في الشر على قدر ما هم عليه من ذلك، ولا تحابين في أمر الله، وأد عليهم الأمانة في الصغير والكبير، وخذ ممن لا سبيل عليه العفو، وعليك بالرفق، وإذا أسأت فاعتذر إلى الناس، وعاجل التوبة، وإذا سروا عليك أمراً بجهالة فبين لهم حتى يعرفوا، ولا تحافدهم، وأمت أمر الجاهلية إلا ما حسنه الإسلام، واعرض الأخلاق على أخلاق الإسلام ولا تعرضها على شيء من الأمور، وتعاهد الناس في المواعظ، والقصد القصد، والصلاة الصلاة فإنها قوام هذا الأمر، اجعلوها همكم وآثروا شغلها على الأشغال، وترفقوا بالناس في كل ما عليهم ولا تفتنوهم، وانظروا في وقت كل صلاة فإنه كان أرفق بهم، فصلوا بهم فيه أوله وأوسطه وآخره، صلوا الفجر في