الشتاء وغسلوا بها، وأطل في القراءة على قدر ما يطيقون، لا يملون أمر الله ولا يكرهونه، وصلوا الظهر في الشتاء مع أول الزوال، والعصر في أول وقتها والشمس حية، والمغرب حين تجب القرص، صلها في الشتاء والصيف على ميقات واحد إلا من عذر، وأخر العشاء شاتياً فإن الليل طويل، إلا أن يكون غير ذلك أرفق بهم؛ وإذا كان الصيف فأسفر فإن الليل قصير فيدركها النوام، وصل الظهر ببعدما يتنفس الظل وتبرد الرياح، وصل العصر في وسط وقتها، وصل المغرب إذا سقط القرص، والعشاء إذا غاب الشفق، إلا أن يكون غير ذلك أرفق بهم ".
قال معاذ: لما بعثني النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى اليمن قال لي: " كيف تقضي إن عرض القضاء؟ " قال: قلت: أقضي بما في كتاب الله. قال: " فإن لم يكن في كتاب الله؟ " قال: قلت: أقضي بما قضى به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: " فإن لم يكن قضى به الرسول؟ " قال: قلت: أجتهد رأيي ولا آلو. قال فضرب صدري وقال: " الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما يرضي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
عن عاصم بن حميد السكوني: أن معاذ بن جبل لما بعثه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى اليمن، فخرج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوصيه، ومعاذ راكب ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمشي تحت راحلته، فلما فرغ قال: " يا معاذ إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا، ولعلك أن تمر بمسجدي وقبري ". قال: فبكى معاذ جشعاً لفراق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تبك يا معاذ، البكاء - أو إن البكاء - من الشيطان ".
عن عبيد بن صخر، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين ودعه معاذ، قال: " حفظك الله من بين يديك ومن خلفك، وعن يمينك وعن شمالك، ومن فوقك ومن تحتك، ودرأ شرور الإنس والجن وشر كل دابة هو آخذ بناصيتها " فسار وساروا حتى انتهوا إلى أعمالهم. فبدأ معاذ بصنعاء ثم ثنى بالجند.