قال يزيد بن أبي زياد: خرج معاوية حاجاً، فاطلع في بئر عادية فأصابته اللقوة، فخرج على الناس معصباً وجهه، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس! إن ابن آدم بعرض بلاء؛ إما معافى فيشكر، وإما مبتلى فيصبر، وإما معاقب بذنب؛ ولست أعتذر من إحدى ثلاث: إن ابتليت فقد ابتلي الصالحون قبلي، وآمل أن أكون منهم، ولئن عوفيت فلقد عوفي الخطاؤون قبلي، وما آمن أن أكون أحدهم، ولئن ابتليت في أحسني فما أحصي صحيحي وإما أن تكون عقوبة من ربي.
زاد في غيره: ولو كان الأمر إلى نفسي ما كان لي على ربي أكثر مما أعطاني، فأنا ابن بضع وستين، فرحم الله عبداً دعا لي بالعافية، فو الله لئن عتب علي بعض خاصتكم لقد كنت حدباً على عامتكم. قال: فعج الناس يدعون له، فبكى معاوية، فلما خرجوا من عنده قال له مروان بن الحكم: يا أمير المؤمنين! لم بكيت؟ قال: يا مروان! كبر سني، ودق عظمي، وابتليت في أحسن ما يبدو مني، وخشيت أن تكون عقوبة من ربي، ولولا هواي في يزيد لأبصرت رشدي.
وعن عبادة بن نسي قال: خطبنا معاوية بالصنبرة، قال: لقد شهد معي صفين ثلاث مئة من أصحاب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ما بقي منهم أحد غيري، وإنما ذلك فناء قربي، وإن فناء الرجل فناء قرنه. ثم ودعنا وصعد الثنية، فكان آخر العهد به.